الْأَقْصَى} الإسراء: ١. فأركبتها بعيري وقفلت بها أريد رحال المقدسيين. فلما توسطت قلت لها: يا هذه لمن أصوت؟ فقرأت:{يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} ص: ٢٦، {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} مريم: ٧. {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} مريم: ١٢. فناديت: يا زكريا، يا يحيى، يا داود. فخرج غلي ثلاثة فتيان من بين الرجال فقالوا: أمنا ورب الكعبة ضلت منذ ثلاث، وأنزلوها وأكرموني. فقلت لهم: ما لها لا تتكلم؟ قالوا: ما تكلمت، منذ ثلاثين سنة مخافة أن تزل. قلت: هذه امرأة صالحة المقصد إلا أنها لقلة علمها لم تدر أن هذا الفعل منهي عنه لأنها استعملت القرآن فيما لم يوضع له. قال ابن عقيل: لا يجوز أن يجعل القرآن بدلاً من الكلام لأنه استعمال له في غير ما وضع له، كما لو أراد استعمال المصحف في الوزن به أو توسده. قال: ويكره الصمت إلى الليل لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صمت يوم إلى الليل.
ذكر المصطفين من عباد لقوا في الطواف:
٩٦٢ - عابد
قاسم بن عثمان يقول: رأيت في الطواف رجلاً لا يزيد على قوله: إلهي قضيت حوائج المحتاجين وحاجتي لم تقض، فقلت له: ما لك لا تزيد على هذا الكلام؟ فقال: أحدثك، كنا سبعة أنفس من بلدان شتى، ترافقنا وغزونا أرض العدو. فاستؤسرنا كلنا. فاعتزل بنا بطريق إلى موضع ليضرب رقابنا، فنظرت إلى السماء فإذا سبعة أبواب مفتوحة في السماء، عليها سبع جوار من الحور العين، على كل باب جارية. فقدم رجل منا فضربت عنقه. فرأيت جارية في يدها منديل قد هبطت إلى الأرض حتى ضربت أعناق الستة وبقيت أنا وبقي باب واحد فلما قدمت لتضرب رقبتي استوهبني بعض رجاله فوهبني له. فسمعتها هي تقول: أي شيء فاتك يا محروم؟ وأغلقت الباب. فأنا يا أخي متحسر على ما فاتني. قال قاسم الجوعي: أراه أفضلهم لأنه رأى ما لم يروا وترك يعمل على الشوق.
٩٦٣ - عابد آخر
عمار بن عثمان قال: سمعت هداباً يقول: رأيت رجلاً يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول في بكائه:
تمن على ذي العرش ما شئت إنه ... غني كريم لا يخيب سائلا