للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ثم شهق شهقة حتى ظننت أن نفسه ستخرج. قال: فقلت له: ما شأنك رحمك الله؟ قال أعظم الشأن شأني، إني ندبت إلى أمر فقصرت عنه. قال: ثم غشي عليه.

٩٦٤ - عابد آخر

عن محمد بن صالح قال: بينا أنا في الطواف إذ نظرت إلى أعرابي بدوي متعلق بأستار الكعبة، وقد شخص بصره نحو السماء، وهو يقول: يا خير من وفد الأنام إليه، ذهبت أيامي، وضعفت قوتي، وقد وردت إلى بيتك المعظم المكرم بذنوب كثيرة لا تسعها الأرض ولا تغسلها البحار، مستجيراً بعفوك منها، وحططت رحلي بفنائك، وأنفقت مالي في رضاك، فماذا الذي يكون من جزائك يا مولاي؟ ثم أقبل على الناس بوجهه فقال: يا معشر الناس ادعوا لمن وكزته الخطايا وغمرته البلايا. ارحموا أسير ضر وغريب فاقة. سألتكم بالذي عمتكم الرغبة إليه، إلا سألتم الله تعالى أن يهب لي جرمي ويغفر لي ذنوبي. ثم عاود فتعلق بأستار الكعبة وقال: إلهي وسيدي، عظيم الذنب مكروب، وعن صالح الأعمال مردود، وقد أصبحت ذا فاقة إلى رحمتك يا مولاي. قال محمد بن صالح: ثم رأيته بعرفات وقد وضع يساره على أم رأسه يصرخ ويبكي ويشهق ويقول: إلهي وسيدي ومولاي أضحكت الأرض بالزهر، وأمطرت السماء بالرحمة، والذي أعطيت الموحدين إن نفسي لواثقة لي ولهم منك بالرضا، وكيف لا يكون كذلك، وأنت حبيب من تحبب إليك، وقرة عين من لاذ بك وانقطع إليك؟ يا مولاي حقاً حقاً أقول؛ لقد أمرت بمكارم الأخلاق فاجعل وفودي إليك عتق رقبتي من النار.

٩٦٥ - عابد آخر

إبراهيم الخواص قال: رأيت شاباً في الطواف متزراً بعباءة، متشحاً بأخرى كثير الطواف والصلاة. فوقع في قلبي محبته ففتح علي بأربعمائة درهم فجئت بها إليه وهو جالس خلف المقام فوضعتها على طرف عبائه وقلت له: يا أخي اصرف هذه القطيعات في بعض حوائجك. فقام وبددها في الحصا وقال: يا إبراهيم اشتريت هذه الجلسة من الله تعالى بسبعين ألف دينار عين، تريد أن تخدعني عن الله عز وجل بهذا الوسخ؟ قال إبراهيم: فما رأيت أعز منه وهو ينظر، وأذل مني وأنا أجمعها من بين الحصى. ثم قام وذهب.

٩٦٦ - عابد آخر

أبو عبد الله بن طاهر قال: رأيت في الطواف شيخاً أعجمياً والناس يتضرعون ويدعون وهو ساكت. فقلت له: ألا تدعو؟ فمد يده ورفع بها شيبته قال: يا خداه شيخ، ولم يزد على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>