للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت أم أيمن: رأيت رسول الله. صلى الله عليه وسلم يومئذ يبكي عند قبر عبد المطلب١ وذكر بعض العلماء أنه كان لرسول الله. صلى الله عليه وسلم يوم موت عبد المطلب ثماني سنين وشهران وعشرة أيام.

ذكر كفالة أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم:

ذكر جماعة من أهل العلم أنه لما توفي عبد المطلب قبض رسول الله. صلى الله عليه وسلم أبو طالب، وكان يحبه حبا شديدا ويقدمه على أولاده فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام ارتحل به أبو طالب تاجرا نحو الشام فنزل "تيماء "فرآه حبر من اليهود يقال له "بحيرا "الراهب٢ فقال: من هذا الغلام معك؟ فقال: هو ابن آخي فقال: أشفيقٌ عليه انت؟ قال: نعم. قال: فوالله لئن قدمت به الشام ليقتلنه اليهود، فرجع به إلى مكة.

حديث بحيرا الراهب:

عن داود بن الحصين٣، قال: لما خرج أبو طالب إلى الشام وبها راهب يقال له، "بحيرا "في صومعة له، وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة يتوارثونها عن كتاب يدرسونه، فلما نزلوا ببحيرا وكانوا كثيرا ما يمرون به لا يكلمهم حتى إذا كان ذلك العام ونزلوا منزلا قريبا من صومعته قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا، فصنع لهم طعاما ثم دعاهم وإنما حمله على دعائهم أنه رآهم حين طلعوا وغمامةٌ تظلّ رسول الله. صلى الله عليه وسلم من بين القوم حتى نزلوا تحت الشجرة، ثم نظر إلى تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة وأخضلت أغصان الشجرة على النبي صلى الله عليه وسلم حين استظل تحتها، فلما رأى بحيرا ذلك نزل من صومعته وأمر بذلك الطعام فأتي به. وأرسل إليهم فقال: إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش وأنا أحب أن تحضرونه كلكم ولا تخلفوا منكم صغيرا ولا كبيرا، حرا ولا عبدا، فإن هذا شيء تكرمونني به. فقال رجل: إنّ لك لشأناً يا بحيرا. ما كنت تصنع بنا هذا فما شأنك اليوم؟ قال: فإني أحببت أن أكرمكم فلكم حق.

فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله. صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه ليس في القوم أصغر منه في رحالهم تحت الشجرة، فلما نظر بحيرا إلى القوم فلم ير الصفة التي يعرف ويجدها


١ ذكر أن أم أيمن قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبكي خلف سرير عبد المطلب وليس كما ذكر هنا أنه بكى عند القبر أنظر الطبقات الكبرى ١/٥٦. والمنتظم في تواريخ الملوك والأمم ٢/٥٠٧.
٢ سيأتي إن شاء الله.
٣ هو داود بن الحصين الفقيه ثقة إلا في عكرمة فإن روايته عنه منكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>