للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاء، ورضىً بالقضاء، وشكرٍ النعماء، وذُلٍّ لحكم القرآن وإنما الإمام كالسوق: ما نَفَق فيها حُمِل إليها، إن نُفق الحَق عندهُ حُمل إليه وجاءه أهل الحَق، وإن نَفق عندَهُ الباطل جاءَهُ أَهل الباطل.

وعن أبي الضحى قال: رأيت على رأس ابن الزبير من المسك ما لو كان لي كان رأس مال.

ذكر مقتل ابن الزبير رضي الله عنه١:

عن عروة قال: لما كانت الغداة التي قُتل فيها ابن الزبير دخل على أمّه أسماء بنت أبي بكر وهي يومئذ ابنة مائة سنة لم يسقط لها سن. فقالت: يا عبد الله ما بلغت في حربك؟ قال: بلغوا مكان كذا وكذا، وضحك وقال: إن في الموت لراحَةً. فقالت أسماء: يا بنيَّ لعلك تتمناه لي، ما أحب أن أموت حتى أتي على أحد طرفَيك إما أن تملك فتَقرَّ بذلك عيني، وإما أن تقتل فأحتسبك.

ثم ودَّعها، فقالت (له) : يا بنيَّ إياك أن تعطي خصلةً من دينك مخافة القتل. وخرج عنها وأنشأ يقول:

ولستُ بمبتاعِ الحياة بسُبَّةٍ ... ولا مُرتَقٍ من خشيةِ المَوتِ سُلَّما

وقال: والله ما لقيت زحفاً قط إلا في الرعيل الأول وما ألمتُ جرحاً قطّ إلا أن آلم الدواء.

ثم حمل عليهم فأصابته آجرَّة في مَفرقه حتى فلقت رأسه، فوقف قائماً وهو يقول:

ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدمنا تقطر الدِما٢

وعن عروة قال: أتيت عبد الله بن الزبير حين دنا الحجاج منه فقلت: قد لحق فلان بالحجّاج ولحق فلان بالحجاج، فقال:

فرت سلامانُ وفرَّتِ النمِر ... وقد نُلاقي معهم فلا نَفِر

فقلت له: لقد أُخذت دار فلان ودار فلان. فقال:

اصبر عصامُ إنَّه شرٌّ باق ... قد سَكَّ أصحابك ضرب الأَعناق

وقامت الحربُ بنا على ساق


١ أنظر سير أعلام النبلاء ٤/٤٥٩. وحلية الأولياء ١/٤٠٥. وتهذيب الكمال ١٤/٥٠٨.
٢ أخرجه ابو نعيم في حلية الأولياء ١١٧١- ١١٧٢- ١١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>