وعن سفيان بن عيينة قال: قال الزهري: لو جمع علم عائشة الى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وجميع النساء كان علم عائشة رضي الله عنها أكثر.
ذكر فصاحتها رضي الله عنها:
عن هشام بن عروة، لا أدري ذكره عن أبيه أم لا "الشك من ابن يعقوب "قال: بلغ عائشة رضي الله عنها ان أقواماً يتناولون من أبي بكر رضي الله عنه فارسلت الى ازفلة منهم. فلما حضروا سدلت استارها ثم دنت فحمدت الله تعالى وصلّت على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعذلت وقرعت. ثم قالت:
أبي وما ابيه؟ أبي والله لا تعطوه الأيدي ذاك طود وفرع مديد، هيهات: كذبت الظنون انجح اذ اكديتم وسبق اذ ونيتم. سبق الجواد اذا استولىعلى الأمد. فتى قريش ناشئا وكهفها كهلاً يفك عانيها ويريش مملقها ويرأب شعبها حتى حليته قلوبها، ثم استشرى في الله تعالى فما برحت شكيمته في ذات الله تعالى حتى اتخذ بفنائه مسجداً يحيى فيه ما أمات من المبطلون، وكان رحمه الله غزير الدمعة وقيذ الجوارح شجى النشيج فانقصفت إليه نسوان مكة وولدانها يسخرون منه ويستهزئون به {اللهُ يَسْتَهْزئُ بِهِمْ ويَمُدُّهُمْ في طُغْيانِهمِ يَعْمَهُونَ}[البقرة: ١٥] فأكبرت ذلك رجالات قريش فحنت لها قسيها وفوقت له سهامها وانتثلوه غرضاً فما فلُّوا له صفاة ولا قصفوا له قناة ومرّ على سيسائه حتى إذا ضرب الدين بجرانه ألقى بركه ورست أوتاده، ودخل الناس فيه أفواجاً، ومن كل فرقة أرسالاً وأشتاتاً. اخنار الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده، فلما قبض صلى الله عليه وسلم نصب الشيطان رواقه ومدّ طُنُيه ونصب حبائله وظنَّ رجال أن قد تحققت أطماعهم، ولات حين مناص، وابي الصديق بين اظهرهم، فقام حاسراً مشمراً، فجمع حاشيته ورفع قطريه فرد نشر الاسلام على غربه، ولمَّ شعثه بطيه واقام اوده بثقافه، فاندفر النفاق بوطأته وانتاش الدين فنعشه، فلما اراح الحق الى اهله وقرر الرؤوس على كواهلها وحقن الدماء في أهبها، اتته ميتته فسد ثلمته بنظيره في المرحمة وشقيقه في السيرة والمعدلة. ذاك عمر بن الخطاب، لله أم حملت به ودرّت عليه لقد أوحدت به فنفخ الكفرة ودّيخها، وشرّد الشرك شَذَرّ مذَرَ وبعجَ الأرض وبخَعها فقاءت أكلها ولفظت خبيئها تَرْأَمُه ويصدف عنها، وتصدَّى له وياباها ورع فيها وودعها كما صحبها فاروني ما تريبون واي يوم تنقمون؟ أيوم اقامته اذ عدل فيكم أم يوم ظعنه فقد نظر لكم؟ أستغفر الله العظيم لي ولكم وقد روى هذا الحديث جعفر بن عون عن هاشم بن عروة عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها.