علي اللهبي والمساحقي وأشراف المدينة وأحدق الناس به فقالت امرأته: اخرج فصلِّ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فنظر إلى حلقةٍ وافرة، فأتاه فوقف عليه ففرّجوا له قليلاً ونكس ربيعة رأسه يوهمه انه لم يره فقال: من هذا الرجل؟ فقالوا: هذا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فقال أبو عبد الرحمن: لقد رفع الله ابني. فرجع إلى منزله فقال لوالدته: لقد رأيت ولدك في حالةٍ ما رأيت أحداً من أهل الفقه والعلم عليها. فقالت أمه: فأيّما أحب إليك: ثلاثون آلف دينار أو هذا الذي هو فيه من الجاه؟ قال لا والله إلاّ هذا. قالت فإني أنفقت المال كله عليه قال: فوالله ما ضيَّعته.
وعن ابن زيد قال: مكث ربيعة دهراً طويلاً عابداً يصلي الليل والنهار، فجالس القاسم فنطق بلب وعقل فكان القاسم إذا سئل عن شيء قال: سلوا هذا لربيعة.
وعن يحيى بن سعيد قال: ما رأيت أحداً افطن من ربيعة.
قال الليث: وقال لي عبيد الله بن عمر في ربيعة: هو صاحب معضلاتنا وأعلمنا وأفضلنا.
وعن يحيى بن سعيد أنه قال: ما رأيت أحداً أسَّد عقلاً من ربيعة.
وعن سّوار بن عبد الله قال: ما رأيت أحداً أعلم من ربيعة الرأي قلت: ولا الحسن وابن سيرين؟ قال: ولا الحسن وابن سيرين.
وعن يونس بن يزيد قال: رأيت أبا حنيفة عند ربيعة وكان مجهود أبي حنيفة أن يفهم ما يقول ربيعة.
وعن بكر بن عبد الله الشّرود الصنعاني قال: أتينا مالك بن أنس فجعل يحدثنا عن ربية الرأي فكنا نستزيده من حديث ربيعة. فقال لنا ذات يوم: ما تصنعون بربيعة؟ هو نائم في ذاك الطاق. فأتينا ربيعة فانبهناه فقلنا له: أنت ربيعة الذي يحدث عنك مالكٌ؟ قال: نعم. فقلنا له: كيف حظي بك مالكٌ؟ ولم تحظ أنت بنفسك؟ قال: أما علمتم أن مثقالاً من دولةٍ خير من حمل علمٍ.
قال الشيخ رحمه الله: وكان السفاح قد أقدم عليه ربيعة الانبار ليوليه القضاء فلم يفعل، وعرض عليه العطاء فلم يقبل.
وعن مالك قال: قال لي ربيعة حين أراد الخروج إلى العراق: أن سمعت إني حدثتهم شيئاً أو أفتيتهم فلا تعدّني شيئاً. فكان كما قال: لمّا قدمها لزم بيته فلم يخرج إليهم ولم يحدثهم بشيء حتى رجع قال مالك: لمّا قدم على أمير المؤمنين أبي العباس أمر له بجائزة فأبى أن يقبلها. فأعطاه خمسة آلاف درهم ليشتري بها جارية فأبى أن يقبلها.