وعن سعيد بن عامر قال: قال أبو حازم نعمة الله فيما زوي عني من الدنيا افضل من نعمته فيما أعطاني منها.
وقال أبو حازم: إنْ وُقِينا شرَّ ما أُعطينا لم نِبال ما فاتَنا.
وقال ابن عُيينة: قال أبو حازم: أن كان يُغنيك من الدنيا ما يكفيك فأدنى عيشِ من الدنيا يكفيك، وان كان لا ُيغنيك، ما يكفيك فليس شيء يكفيك.
وعن عبد الجبار بن عبد العزيز بن أبي حازم قال: حدثني أبي قال: بعث سليمان بن عبد الملك إلى حازم فجاءه فقال: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت؟ قال: لأنكم أخربتم آخرتكُم وعمَرتُم دنياكم فانتم تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب قال: صدقت، فكيف القدوم على الله عز وجل؟ قال: إما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه. فبكى سليمان وقال: ليت شعري ما لنا عند الله يا أبا حازم: قال: اعرض نفسك على كتاب الله عز وجل فانك تعلم ما لك عند الله قال يا أبا حازم وإني أصيب ذلك؟ قال: عند قوله: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وانَّ الفُجّار لَفي جحيم}[الانفطار: ١٤] فقال سليمان: فأين رحمة الله؟ قال {قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: ٥٦] قال: ما تقول فيما نحن فيه؟ قال. اعفني عن هذا قال سليمان: نصيحةٌ تلقيها. قال أبو حازم: أن أناسا اخذوا هذا الأمر عنوة من غير مشاورة من المسلمين ولا اجتماعٍ من رأيهم فسفكوا فيه الدماء على طلب الدنيا ثم ارتحلوا عنها فليت شعري ما قالوا وما قيل لهم؟ فقال بعض جلسائه: بئس ما قلتَ يا شيخ. قال أبو حازم: كذبتَ، أن الله تعالى اخذ على العلماء لَيبيننه للناس ولا يكتُمونه قال سليمان: أصحبْنا يا حازم تِصْب مّنا ونُصِبْ منك قال: أعوذ بالله من ذلك. قال: ولم؟ قال أخاف أن اركن إليكم شيئا قليلا فيذيقني ضِعْفَ الحياة وضعْفَ الممات.
قال: فاشِرْ عليَّ. قال: اّتق الله أن يراك حيث نهاكْ وان يفقدك حيث أمرك. قال: يا أبا حازم ادعُ لنا بخير. قال: اللهم أن كان سليمان وليَّك فَيسِره للخير، وان كان عدوَّك فخذ إلى الخير بناصيته. فقال: يا غلام هات مائة دينار. ثم قال: خدها يا أبا حازم. فقال لا حاجة لي فيها إني أخاف أن يكون لِما سمعت من كلامي.
فكأن سليمان اعجب بابي حازم. فقال الزهري: انه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلّمته قط. قال أبو حازم: انك نسيت الله فنسيتني ولو أحببتُ الله لأحبْبتني. قال الزهري: أتشتمني؟ قال سليمان: بل أنت شتمت نفسك. أما علمت أنّ للجار على جاره حقاً قال أبو حازم: أن بني