فالمتبايعان إنما يسمى كل واحد منهما بائع ومشتري، وبيعان أو متبايعان إذا تم العقد بالإيجاب والقبول، إذا تم العقد بالإيجاب والقبول صح على الطرفين أنهما متبايعان أو بيعان، وأما قبل لزوم العقد بالقبول فإنهما لا يسميان متبايعان، وإنما يسميان متساومان، ما ثبت البيع إلى الآن، يعني ما قال البائع: بعتك بكذا، وقال المشتري: اشتريت بكذا، أو العكس، يعني ما في إيجاب ولا قبول، إذاً لا يصح أن يسمى بائع حتى يتم البيع، ولا يصح أن يسمى مشترٍ حتى يتم الشراء، وبهذا يتضح أن المراد بالتفرق التفرق بالأبدان، وبهذا قال الشافعي وأحمد وجهور السلف والخلف، وهذا هو الواضح المفهوم من الحديث، وعلى هذا فهمه ابن عمر الراوي، فكان يمشي خطوات ليلزم البيع مع أنه جاء النهي عن ذلك، ولعله لم يبلغ ابن عمر، ولا يحل له أو لا يجوز أن يفارقه خشية أن يستقيله، فكان ابن عمر يفعل ذلك؛ لأنه لم يبلغه النهي، وفهم أن المراد بالتفرق التفرق بالأبدان إلا بيع الخيار، وهو أن يشترط كل منهما أو أحدهما أنه بالخيار لمدة معينة يوم أو يومين أو ثلاثة أو شهر، هذا ما قال به الإمام الشافعي والإمام أحمد، وهذا هو الظاهر المتبادر من لفظ الحديث.
"يقول مالك: وليس لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به فيه" ماذا يريد مالك من هذا الكلام؟ نعم؟