((وإذا اتبع أحدكم على مليء)) كغني ومسر ((فليتبع)) يعني فليحتل، يقبل الحوالة، فليقبل الحوالة، اللام هنا لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وعلى هذا هل يلزم رضا المحيل؟ هل يلزم رضا المحيل؟ المدين الأول؟ يلزم رضاه؛ لأنه ما يلزم أن يحيل وهو يقول: دراهمي موجودة؛ لأن صاحب الدين غير متضرر، لكن لو ما كان عنده دراهم، وعنده أموال على فلان من الناس، أو على مجموعة من الناس، وأراد أن يحيل عليها، فالمأمور هنا في الحديث الدائن الأول عليه، أن يقبل الحوالة، وعلى هذا لا يلزم رضاه عند جمع من أهل العلم، بناء على أن الأمر هنا للوجوب وهو الأصل، وهو قول الحنابلة والظاهرية وأبو ثور وابن جرير وجمع من أهل العلم.
وهذا هو الأصل فيه، وأن اللام للوجوب، لكن ألا يتضرر ولو من وجه لا سيما مع غنى المدين الأول المحال ما يتضرر؟ لو قال مثلاً: أنا واجد، ومع ذلك أحيلك على فلان الغني أيضاً، يحتاج أيضاً إلى مشوار ثاني ومطالبة جديدة لفلان الثاني، فهل يلزم أن يقبل الحوالة مع أن المدين الأول واجد غني؟ يعني ((وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) يعني عموم اللفظ يشمل؛ لأن (أحد) مفرد مضاف وهو أيضاً في سياق شرط يعم.
((إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) فهل كل أحد يلزمه أن يتبع، ولو كان المدين الأول واجد؟
لزيد على عمرو مائة ألف، زيد عنده أرصده، وعنده شيكات جاهزة، وعنده دراهم في متجره أكثر من هذا المبلغ، فيقول: أنا لي على بكر مليون أحيلك عليه بمائة ألف وبكر مليء، هذه الصورة تدخل في الحديث وإلا ما تدخل؟ تدخل، ومن باب أولى إذا كان المدين الأول الذي هو عمرو يشق عليه الوفاء، أما لأن الأموال غير حاضرة، مع كون المحال عليه مليئاً، يعني يدخل من باب أولى.
((إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) عرفنا أن القول الأول في المسألة أنه يلزم الإتباع من قبل المحال؛ لأن اللام لام الأمر، والأمر الأصل فيه الوجوب، لكن إذا كانت ذمة الأول المشغولة بالدين ابتداءً، وهو قادر على السداد، ويقول: أنا والله ما لي دعوة بفلان ولا علان، أنا خصمي أنت وعندك دراهم هات، في أحد يلزمه بأن يقبل الحوالة؟ عموم الحديث يشمل وإلا ما يشمل؟ يشمل.