قال مالك -رحمه الله- في أم الولد تجرح: إن عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله، إلا أن يكون عقل ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد، فليس على سيدها أن يخرج أكثر من قيمتها، وذلك أن رب العبد أو الوليدة إذا أسلم غلامه أو وليدته بجرح أصابه واحد منهما، فليس عليه أكثر من ذلك، وإن كثر العقل، فإذا لم يستطع سيد أم الولد أن يسلمها لما مضى في ذلك من السنة، فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها، فليس عليه أكثر من ذلك، وهذا أحسن ما سمعت، وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في جراح أم الولد
وعرفنا أنه من باب إضافة المصدر إلى الفاعل، فأم الولد هي التي تجرح كالسابق المدبر.
"قال مالك في أم الولد تجرح -أو تجني على إنسان أو حيوان مملوك، أو مال-: إن عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله" ضامن يعني مضمون، اسم الفاعل يأتي ويراد به اسم المفعول، كما أن العكس وارد أيضاً، اسم المفعول يأتي ويراد به اسم الفاعل {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [(٢١) سورة الحاقة] يعني مرضية {مَّسْتُورًا} [(٤٥) سورة الإسراء] يعني ساتراً، ويأتي المصدر، ويراد به اسم الفاعل، ويأتي المصدر أيضاً، ويراد به اسم المفعول، وهذه الأمور تتقارض، يعني ينوب بعضها عن بعض.
"إن عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله، إلا أن يكون عقل ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد" يعني قيمتها ألف والجراحة ألف وخمسمائة يعني يقال: ادفع ألف وخمسمائة، طيب أم الولد تعتق بموت سيدها، والمدبر يعتق بموت سيده، فإذا جنى قبل موت سيده يعتق بموت سيده وإلا ما يعتق؟ إذا مات سيده يعتق ويكون ديناً عليه، أم الولد كذلك وإلا لا؟ مثله إذا عتقت بمعنى أنه مات سيدها قبل أن يدفع المبلغ تعتق ويكون ديناً عليها.
الآن جنى العبد بجناية أكثر من قيمته وهو مدبر، قال السيد: خذوه، ما لنا به لازم، ما عندنا استعداد ندفع أكثر من ثمنه، أو أم الولد جنت فقال سيدها: خذها، يعني المجني عليه، فهل يبقى أثر التدبير، وأثر الولادة بعد أن ينتقل الملك من المالك الأصلي إلى المجني عليه أو لا يبقى؟