للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معروف يعني حتى ... ، مبينة في حديث عبادة.

"حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أسلم" اسمه ماعز بن مالك "جاء إلى أبي بكر الصديق فقال له: إن الأخر" يعني الأرذل المتأخر المؤخر "إن الأخر زنى، فقال له أبو بكر: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟ " يعني جاء في بعض الروايات التصريح، قوله: إني زنيت، مثل هذا الأدب في التعبير ألا ينسب الأمر المكروه إلى النفس، ومع ذلك تواطأ الرواة على نقل قول ماعز: إني زنيت؛ لأن هذا وإن كان من حيث الأسلوب خلاف الأدب المتقرر إلا أنه يترتب عليه حكم شرعي، فلا بد من صريح الاعتراف، ولما كان الأمر غير لازم في قصة أبي طالب قال: هو على ملة عبد المطلب، والرواة يقولون كلهم: هو على ملة عبد المطلب، لكن هنا في إقامة حد، والحد لا يقوم إلا بصريح الاعتراف.

"فقال: هل ذكرت ذلك لأحد غيري؟ فقال: لا، قال له أبو بكر: فتب إلى الله، واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده" هذه هفوة وزلة وقعت من ماعز، وتاب إلى الله -جل وعلا-، وأناب وصدق في توبته، وقدم نفسه، مثل هذا لو استتر ما يلام، لكنه أراد العزيمة، ولم يكتفِ بالرخصة، أراد العزيمة؛ لأن الحدود كفارات، وإنه الآن لينغمس في أنهار الجنة، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذه عزيمة، ولا يلام من طلب العزيمة، ومع ذلك يمكن أن يدل على الرخصة، والدين فيه فسحة لمثل هذا.

"فقال أبو بكر: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟ فقال: لا، فقال له أبو بكر: فتب إلى الله، واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، فلم تقرره نفسه" فلم تقرره: أي لم تمكنه نفسه من الاستتار، والاكتفاء بالتوبة دون إقامة الحد والتطهير؛ لأنه يريد الكفارة لما حصل من ذنبه، فالحدود كفارات.

"لم تقرره نفسه حتى أتى عمر بن الخطاب، فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر، فلم تقرره نفسه حتى جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ما اطمأن، يعني النفس ما زال يحيك فيها إثم ما اقترف، فجاء إلى أبي بكر، ثم إلى عمر، فلم تطمئن نفسه إلا بأن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعترف بين يديه، ويلتزم باللازم.