"وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أن عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل" لأن الجلد في أول الأمر كان أربعين جلدة، فلم يرتدع الناس "فاستشار عمر -رضي الله تعالى عنه- الناس، فقال له علي بن أبي طالب: نرى أن تجلده ثمانين" لماذا؟ قال:"لأنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وحد الفرية ثمانون جلدة" حد الفرية القذف ثمانون جلدة، أو كما قال، فجلد عمر في الخمر ثمانين.
ويختلف أهل العلم في حد الخمر هل هو الأربعون جلدة على ما كان عليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وعهد أبي بكر، وصدر من خلافة عمر؟ أو هو الثمانون بما آل إليه الأمر في عهد عمر واتفق عليه الصحابة؟ أو يقال: إن الحد الأربعون والزيادة التعزير؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، وعلى كل حال الصحابة اتفقوا في عهد عمر على الثمانين، وكون الأربعين الثانية حد أو تعزير، المسألة محل نظر، لكن الأوجه من الاحتمالين أنها تعزير، والحد هو الذي استقر عليه الأمر في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وعهد أبي بكر أنه أربعون جلدة، ثم زاد عمر أربعون جلدة تعزيراً.
والتعزير في الخمر لا يقتصر على الثمانين، بل لو وجدت هذه الظاهرة وكثرت بين الناس، ولم يرتدع الناس بالثمانين لوصل الحد إلى القتل، في حديث معاوية وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((إذا شرب الخمر فاجلدوه، ثم إذا شربها فاجلدوه، ثم إذا شربها فاجلدوه، ثم إذا شربها فاقتلوه)) مخرج في السنن عند الترمذي وغيره، والترمذي -رحمه الله تعالى- يقول: ليس في كتابي مما أجمع على ترك العمل به إلا هذا الحديث، وحديث جمع في المدينة بين الصلاتين بلا .... نعم؟ ليس فيه مما أجمع على ترك العمل به إلا هذين الحديثين.
هذا الحديث عند عامة أهل العلم منسوخ، ومن أهل العلم من يرى أنه محكم، وأن كل من تكرر منه الشرب أربع مرات يقتل، وللشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- رسالة اسمها: كلمة الفصل في قتل مدمن الخمر، وابن حزم يرى أنه أيضاً محكم، وابن العربي أيضاً يميل إلى هذا، والسيوطي يميل إليه، وأنه يقتل في المرة الرابعة، المدمن يقتل.