قال الحافظُ الرامهرمزيُّ في كتابِهِ «المحدِّثُ الفاضلُ» ، في بيانِ فوائدِ الرحلةِ في طلبِ العلمِ والمتعِ الحاصلةِ بها، ردّاً على من كرِه الرحلة وعابها ما يلي:
«ولو عَرَفَ الطاعنُ على أهلِ الرِّحلةِ مقدار لذَّةِ الرَّاحلِ في رحلتِهِ ونشاطِهِ عند فصولِهِ منْ وطنهِ، واستلذاذِ جميعِ جوارحِهِ، عند تصرُّفِ الأقطارِ وغياضِها، وحدائِقِها، ورياضِها، وتصفُّح الوجوهِ، ومشاهدةِ ما لمْ ير منْ عجائبِ البلدانِ، واختلافِ الألسنةِ والألوانِ، والاستراحةِ في أفياءِ الحيطانِ، وظلالِ الغيطانِ، والأكلِ في المساجدِ، والشربِ من الأوديةِ، والنومِ حيثُ يدركهُ الليلُ، واستصحابِ منْ يحبُّهُ في ذاتِ اللهِ بسقوطِ الحشمةِ، وتركِ التصنُّعِ، وكلِّ ما يصلُ إلى قلبهِ من السرورِ عنْ ظفرِهِ ببغيتِهِ، ووصولِهِ إلى مقصدِهِ، وهجومِهِ على المجلسِ الذي شمَّرَ لهُ، وقطع الشُّقَّةَ إليه - لعلَّمَهُ أنَّ لذَّاتِ الدنيا مجموعةٌ في محاسن تلك المشاهدِ، وحلاوةِ تلك المناظرِ، واقتناصِ تلك الفوائدِ، التي هي عند أهلِها أبهى منْ زهرِ الربيعِ، وأنفسُ من ذخائرِ العِقيانِ، من حيثُ حُرِمها الطاعنُ وأشباهُهُ» .