وقد ذَكَرَ التنوخيُّ في كتابهِ «الفَرَجِ بعد الشِّدَّةِ» ما يناسبُ هذا المقام: أن رجلاً ضاقتْ عليه الحِيلُ، وأُغلقتْ عليه أبوابُ المعيشةِ، وأصبح ذات يومٍ هو وأهلُه لا شيء في بيتهم، قال: فبقيت أنا وأهلي اليوم الأول جوْعى وفي الثاني، فلما دنتِ الشمسُ للمغيبِ، قالت لي زوجتي: اذهبْ وانطلقْ والتمسْ لنا رزقاً أو طعاماً أو أكلاً، فقد أشرفْنا على الموتِ. قال: فتذكَّرتُ امرأةً قريبة لي، فذهبتُ إليها وأخبرتُها الخَبَرَ، قالت: ما في بيتِنا إلا هذهِ السمكةُ وقد أنتنتْ. قلتُ: عليَّ بها، فإنا قد أشرفْنا على الهلاكِ. وذهبتُ بها وبقرتُ بطنها، فأخرجتُ منها لؤلؤةً بعتُها بآلافِ الدنانيرِ، وأخبرتُ قريبتي، قالتْ: لا آخذُ معكم إلا قسمي. قال: فاغتنيتُ فيما بعدُ، وأثَّثتُ من ذلك بيتي، وأصلحتُ حالي، وتوسّعتُ في رزقي. فهو لطفُ اللهِ سبحانه وتعالى ليس غيرَهُ.