وهجْرُ المطالعةِ، وترْكُ النظرِ في الكتبِ والانفرادُ بها، حُبْسهٌ في اللسانِ، وحَصْرٌ للطَّبعِ، وركودٌ للخاطرِ، وفتورٌ للعقلِ، وموتٌ للطبيعةِ، وذبولٌ في رصيدِ المعرفةِ، وجفافٌ للفكرِ، وما منْ كتابٍ إلا وفيهِ فائدةٌ أو مَثَلٌ، أو طُرفةٌ أو حكايةٌ، أو خاطرةٌ أو نادرةٌ.
هذا وفوائدُ القراءةِ فوق الحَصْرِ، ونعوذُ باللهِ منْ موتِ الهِممِ وخِسَّةِ العزيمةِ، وبرودِ الرُّمحِ، فإنها منْ أعظمِ المصائبِ.
لا تحزنْ، واقرأْ عجائب خلقِ اللهِ في الكونِ
وطالِعْ غرائب صُنعِهِ في المعمورةِ، تجدِ العَجَبَ العُجابَ، وتقضي على همومِك وغمومِك، فإنَّ النَّفْس مُولعةٌ بالطَّريفِ الغريبِ.
رَوَى البخاريُّ ومسلمٌ، عنْ جابرِ بن عبدِاللهِ رضي اللهُ عنه، قال: بَعَثَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأمَّر علينا أبا عبيدة، نتلقَّى عِيراً لقريشٍ، وزوَّدنا جِراباً منْ تمرٍ لمْ يجِدْ لنا غَيْرَه، فكان أبو عبيدة يُطينا تمرةً تمرةً.
قال - الراوي عنْ جابرٍ -: فقلتُ: كيف كنتُمْ تصنعون بها؟ قال: نمصُّها كما يمُصُّ الصَّبيُّ، ثمَّ نشربُ عليها من الماءِ، فتكفينا يومنا إلى الليلِ، وكنَّا نضربُ بِعصيِّنا الخَبَطَ - أي ورق الشجرِ - ثم نبُلُّه فنأكُلَهُ.