قال: وانطلْقْنا على ساحلِ البحرِ فإذا شيءٌ كهيئةِ الكثيبِ الضخمِ - أي كصورةِ التَّلَّ الكبيرِ المستطيلِ المُحْدَوْدبِ من الرملِ - فأتيناهُ، فإذا هي دابَّةٌ تُدعى العَنْبَرَ. قال: قالَ أبو عبيدة: ميْتةٌ. ثم قال: لا بلْ نحنُ رُسُلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي سبيلِ اللهِ، وقدْ اضطُررْتُم فكُلُوا. قال: فأقمْنا عليه شهراً ونحنُ ثلاثمائة حتى سمِنَّا. قال: ولقدْ رأيتُنا نغترفُ منْ وَقْبِ عينِه - أي منْ داخلِ عينِه - ونفرقُها بالقلالِ - أي بالجرارِ الكبيرةِ - الدُّهْنَ، ونقتطعُ منه الفِدر - أيْ القِطع - كالثورِ أو قدْرِ الثورِ. فلقدْ أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشرَ رجلاً، فأقعدهم في وقبِ عينِهِ، وأخذ ضلعاً منْ أضلاعِهِ فأقامها، ثمَّ رحَّل أعظم بعيرٍ، ونظر إلى أطولِ رجُلٍ فحملهُ عليهِ، فمرَّ منْ تحتِها.
وتزوَّدْنا منْ لحْمِه وشائِق، فلمَّا قدمْنا المدينة، أتينا رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرنا له ذلك، فقال:((هو رزقٌ أخرجه اللهُ لكمْ، فهل معكمْ منْ لحمِهِ شيءٌ فتُطعمونا؟)) ، قال: فأرسلْنا إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأكل منه.
قال أبو داود في كتابهِ (السنن) في بابِ زكاةِ الزرعِ: شَبَرْتُ قثاءةً بمصر ثلاثة عشر شِبْراً، ورأيتُ أُتْرُجَّةً على بعيرٍ بقطعتيْن، قُطعتْ وصيِّرَتْ على مثْلِ عِدلْينِ.