إنَّ منْ طبيعِة المؤمنِ: الثبات والتصميم والجزم والعزم، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} ، أما أولئك:{فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} ، وفي قرارِهم يضطربون، وعلى أدبارِهم ينكصون، ولعهودِهم ينقضون. إن عليك أيُّها العبدُ إذا لمع بارقُ الصوابِ، وظهر لك غالبُ الظنِّ، وترجَّح لديك النفعُ، أن تُقدِم بلا التواءٍ ولا تأخُّرٍ.
اطَّرحْ ليتاً وسوفاً ولعلْ ... وامضِ كالسيف على كفِّ البطلْ
لقد تردَّدَ رجلٌ في طلاق زوجته التي أذاقْته الأمرَّيْن، وذهب إلى حكيمٍ يشتكيه، قال: كم لك من سنة مع هذه الزوجةِ؟ قال: أربع سنواتٍ. قال: أربع سنواتٍ وأنت تحتسي السُّمَّ؟!
صحيحٌ أن هناك صبراً وتحمُّلاً وانتظاراً، لكن إلى متى؟ إن الفطِن يعلمُ أن هذا الأمرين يتمُّ أو لا يتمُّ، يصلحُ أو لا يصلحُ، يستمرُّ أو لا يستر، فْليتخذْ قراراً.
والشاعرُ يقولُ:
وعلاجُ ما لا تشْتهِيـ ... ـهِ النفسُ تعجلُ الفراقِ
والذي يظهرُ من السِّيرِ واستقراءِ أحوالِ الناسِ، أن الإرباك والحيرة يأتيهم في مواقف كثيرةٍ، لكن غالب ما يأتيهم في أربعِ مسائل:
الأولى: في الدراسةِ واختيارِ التخصُّصِ، فهو لا يدري أيَّ قسم يسلكُه، فيبقى في ذلك فترةً. وعرفتُ طُلاَّباً ضيَّعُوا سنواتٍ بسبب تردُّدِهم في الأقسامِ، وفي الكلياتِ، فيبقى بعضهم متردداً قبل التسجيل، حتى يفوته