فالحازم يتوقَّفُ حتى يرى ويبصر، ويترقَّب، ويتأمَّل، ويُعيدَ النظر، ويقرأ العواقب، ويقدِّر الخطواتِ، ويُبرم الرأي، ويحتاط ويَحْذر، لئلاَّ يندم، فإن وقع الأمرُ على ما أراد، حَمِدَ الله، وشكر رأيه، وإن كانتِ الأُخرى، قال: قدرَّ اللهُ، وما شاء فَعَلَ. ورضي ولم يحزنْ.
فتبيَّنُوا
فالعاقلُ ثابتُ القدمِ، سديدُ الرَّأْي، إذا هجمتْ عليهِ الأخبارُ، وأشكلتِ المسائلُ، فلا يأخُذُ بالبوادِر، ولا يتعجَّل الحُكم، وإنما يُمحِّصُ ما يسمعُ، ويقلِّبُ النظر، ويُحادثُ الفكر، ويُشاوِرُ العقلاء، فإنَّ الرَّأْي الخمير، خيرٌ من الرأي الفطيرِ. وقالوا: لأن تُخطئ في العفوِ، خيرٌ منْ أنْ تخطئ في العقوبةِ {فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .
اعزمْ وأقْدِمْ
إنَّ كلَّ ما أكتبُه هنا منْ آياتٍ وأبياتٍ، وأثرٍ وعِبر، وقصصٍ وحِكم، تدعوك بأنْ تبدأ حياةً جديدةً، مِلْؤُها الرجاءُ في حُسْنِ العاقبةِ، وجميلِ الختامِ، وأفضلِ النتائجِ. ولا تستطيعُ أن تستفيد إلا بهمَّةٍ صادقةٍ، وعزمٍ حثيثٍ، ورغبةٍ أكيدةٍ في أن تتخلَّص منْ همومِك وغمومك وأحزانِك وكآبتِك. قيل لأحدِ العلماءِ: كيف يتوبُ العبدُ؟ قال: لابُدَّ له منْ سوْطِ عَزْمٍ. ولذلك