للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفسٍ لُطفٌ، وفي كلِّ حركةٍ حكمةٌ، وفي كلِّ ساعةٍ فَرَجٌ، جعل بعدَ الليلِ صُبحاً، وبعد القحْطِ غَيْثاً، يُعطي ليُشْكر، ويبتلي ليعلم من يصْبِرُ، يمنحُ النَّعْماء ليسمع الثَّناء، ويُسلِّطُ البلاء ليُرفع إليه الدُّعاءُ، فحريٌّ بالعبدِ أن يقوِّي معه الاتِّصال، ويُمدَّ إليه الحبال، ويُكِثرُ السؤال {وَاسْأَلُواْ اللهَ مِن فَضْلِهِ} ، {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} .

لو لمْ تُرِدْ نيْل ما أرجو وأطْلُبُهُ ... مِن جُودِ كفِّك ما علَّمْتني الطَّلبا

انقطع العلاءُ بنُ الحضرميِّ ببعضِ الصحابةِ في الصحراءِ، ونفِد ماؤُهم، وأشرفُوا على الموتِ، فنادى العلاءُ ربَّه القريب، وسأل إلهاً سميعاً مجيباً، وهتف بقولِهِ: يا عليُّ يا عظيمُ، يا حكيمُ يا حكيمُ. فنزل الغيثُ في تلك اللحظةِ، فشربُوا وتوضؤوا، واغتسلوا وسَقوْا دوابَّهم. {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} .

وقفةٌ

«محبَّةُ اللهِ تعالى، ومعرفُته، ودوامُ ذِكْرِه، والسُّكُونُ إليه، والطمأنينةُ إليه، وإفرادُه بالحُبِّ والخوفِ والرجاءِ والتَّوكُّلُ، والمعاملةُ، بحيثُ يكون هو وَحْدَهُ المستولي على همومِ العبدِ وعزماتِه وإرادتِه. هو جنَّةُ الدنيا، والنعيمُ الذي لا يُشبِههُ نعيمٌ، وهو قُرَّة عينِ المُحِبين، وحياةُ العارفين» .

«تعلُّقُ القلبِ باللهِ وحدهُ واللَّهجُ بذِكرِهِ والقناعةُ: أسبابٌ لزوالِ الهمومِ والغمومِ، وانشراحُ الصدرِ والحياةُ الطَّيِّبة. والضِّدُّ بالضِّدِّ، فلا أضْيقُ صدراً، وأكْثَرُ همّاً، ممَّنْ تعلَّق قلبُه بغيرِ اللهِ، ونسي ذِكْر اللهِ، ولم يقْنَعْ بما آتاهُ اللهُ، والتَّجرِبةُ أكبرُ شاهدٍ» .

<<  <   >  >>