وذكَّرني هذا بمقالةٍ لشيخِ الإسلامِ ابنِ تيمية، وهو يتحدَّثُ عن أحدِ البطائحيةِ (الفرقِ الضالًّةِ الصوفيةِ المنحرفةِ) . يقولُ هذا البطائحيُّ لابنِ تيمية: ما لكمْ يا ابن تيمية إذا جئْنا إليكمْ - يعني أهل السنةِ - بارتْ كرامتُنا وبطلتْ، وإذا ذهبْنا إلى التتِر المغولِ الكفارِ ظهرتْ كرامتُنا؟ قال ابنُ تيمية: أتدري ما مثلُنا ومثلُكُم ومثَلُ التتارِ؟ أما نحنُ فخيولٌ بيضٌ، وأنتم بُلْقٌ، والتترُ سُودٌ، فالأبلقُ إذا دخل بين السودِ أصبح أبيض، وإذا خالط البض أصبح أسود، فأنتمْ عندكمْ بقيةٌ منْ نورٍ، إذا دخلتمْ مع أهلِ الكفرِ ظَهَرَ هذا النورُ وإذا أتيتُم إلينا ونحنُ أهل النورِ الأعظمِ والسنة، ظهر ظلامُكم وسوادُكم، فهذا مثلكُم ومثلُنا ومثلُ التتارِ. {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .
إرادةٌ فولاذيةٌ
ذهب طالبٌ منْ بلادِ الإسلامِ يدرسُ في الغربِ، وفي لندن بالذاتِ، فسكن مع أسرةٍ بريطانيةٍ كافرةٍ، ليتعلَّم اللغة، فكان متديِّناً وكان يستيقظُ مع الفجرِ الباكرِ، فيذهبُ إلى صنبورِ الماءِ ويتوضأُ، وكان ماءً بارداً، ثمَّ يذهبُ إلى مصلاَّهُ فيسجدُ لربِّه ويركعُ ويسبحُ ويَحْمَدُ، وكانتْ عجوزٌ في البيتِ تلاحظهُ دائماً، فسألتْه بعد أيامٍ: ماذا تفعلُ؟ قال: أمرني ديني أنْ أفعل هذا. قالتْ: فلو أخَّرْت الوقت الباكر حتى ترتاح في نومِك ثمَّ تستيقظ. قال: لكنَّ ربي لا يقبلُ منِّي إذا أخّرتُ الصلاة عن وقتِها. فهزَّتْ رأسها، وقالتْ: إرادةٌ تكسرُ الحديد!! {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} .