حدَّثنا أحدُ الفضلاءِ من العُبَّادِ: أنه كان بأهلِه في الصحراءِ، في جهةِ الباديةِ، وكان عابداً قانتاً منيباً ذاكراً للهِ. قال: فانقطعتْ المياهُ المجاورةُ لنا، وذهبتُ ألتمسُ ماءً لأهلي، فوجدتُ أن الغدير قد جفَّ، فعُدتُ إليهم، ثم التمسْنا الماء يمْنةً ويسْرَةً، قلم نجدْ ولو قطرةً، وأدركنا الظمأُ، واحتاج أطفالي للماء، فتذكرتُ ربَّ العزةِ - سبحانه- القريب المجيب، فقمتُ فتيمَّمتُ، واستقبلتُ القبلة وصلَّيتُ ركعتين، ثم رفعتُ يديَّ وبكيتُ، وسالتْ دموعي، وسألتُ الله بإلحاحٍ، وتذكرتُ قوله:{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ.....} الآية، وواللهِ ما هو إلا أن قمتُ من مقامي، وليس في السماء من سحاب ولا غيْم، وإذا بسحابة قد توسَّطتْ مكاني ومنزلي في الصحراءِ، واحتكمتْ على المكان، ثم أنزلتْ ماءها، فامتلأتِ الغدرانُ من حولِنا وعن يميننا وعن يسارِنا، فشرْبنا واغتسْلنا وتوضأنا، وحمدْنا الله سبحانه وتعالى، ثم ارتحلتُ قليلاً خلْف هذا المكان، وإذا الجدْبُ والقحطُ، فعلمتُ أن الله ساقها لي بدعائي، فحمدتُ الله عزَّ وجلَّ:{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} .
إنه لابدَّ أن نلحَّ على اللهِ سبحانه وتعالى، فإنه لا يُصْلِحُ الأنفس، ولا يرزقُ ولا يهدي، ولا يوفِّقُ ولا يثبِّتُ، ولا يعينُ ولا يغيثُ، إلاَّ هو سبحانه وتعالى. واللهُ ذكَرَ أحدَ أنبيائه فقال:{وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} .