وإنْ تعجبْ، فعجبٌ ما فعلهُ بعضُ الطوائفِ بأنفسهمْ! فهذا لا يأكلُ الرّطب، وذاك لا يضحكُ، وآخرُ لا يشربُ الماء البارد، وكأنهم ما علمُوا أنَّ هذا تعذيبٌ للنفسِ وطمْسٌ لإشراقها {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} .
إنَّ رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أكل العسل وهو أزْهدُ الناسِ في الدنيا، واللهُ خلق العسل ليُؤكل:{يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ} . وتزوَّج الثَّيِّباتِ والأبكار:{فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} . ولبِس أجمل الثيابِ في مناسباتِ الأعيادِ وغيرِها:{خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} . فهو - صلى الله عليه وسلم - يجمعُ بين حقِّ الرُّوحِ وحقِّ الجسدِ، وسعادةِ الدنيا والآخرةِ، لأنه بُعث بدينِ الفطرةِ التي فطرَ اللهُ الناس عليها.
أبشِرْ بالفَرَج القريبِ
يقولُ بعضُ مؤلِّفي عصرنا: إنَّ الشدائد - مهما تعاظمتْ وامتدَّتْ. لا تدومُ على أصحابِها، ولا تخلَّدُ على مصابِها، بل إنها أقوى ما تكونُ اشتداداً وامتداداً واسوداداً، أقربُ ما تكونُ انقشاعاً وانفراجاً وانبلاجاً، عن يُسْرٍ وملاءةٍ، وفرجٍ وهناءةٍ، وحياةٍ رخيَّةٍ مشرقةٍ وضَّاءةٍ، فيأتي العونُ من اللهِ والإحسانُ عند ذروةِ الشِّدَّةِ والامتحانِ، وهكذا نهايةُ كلِّ ليلٍ غاسِق، فجرٌ صادِقٌ.
فما هي إلا ساعةٌ ثُمَّ تنْقضي ... ويَحْمَدُ غِبَّ السَّيْرِ منْ هو سائرُ