في الحديث:((كلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِق له)) . فلماذا تُعْسفُ المواهبُ ويُلْوى عنقُ الصِّفاتِ والقدراتِ لَيَّا؟! إن الله إذا أراد شيئاً هيَّأ أسبابه، وما هناك أتْعَسُ نفْساً وأنْكدُ خاطراً من الذي يريدُ أنْ يكون غَيْرَ نَفْسِه، والذكيُّ الأريبُ هو الذي يدرسُ نفسهُ، ويسدُّ الفراغ الذي وُضع له، إن كان في السَّاقةِ كان في السَّاقةِ، وإنْ كان في الحراسةِ كان في الحراسةِ، هذا سيبويه شيخُ النَّحْوِ، تعلَّم الحديث فأعياهُ، وتبلَّد حسُّهُ فيع، فتعلَّم النحو، فَمَهَرَ فيه وأتى بالعَجَب العُجاب. يقولُ أحدُ الحكماءِ: الذي يريدُ عملاً ليس منْ شأنِهِ، كالذي يزرعُ النَّخْل في غوطةِ دمشق، ويزرعُ الأتْرُجَّ في الحجازِ.
حسانُ بنُ ثابتٍ لا يُجيدُ الأذان، لأنهُ ليس بلالاً، وخالدُ بنُ الوليد لا يقسمُ المواريث، لأنه ليس زيد بن ثابتٍ، وعلماءُ التربيةِ يقولون: حدِّدْ موقِعَكَ.
لابُدَّ للذَّكاء مِن زكاء
سمعتُ إذاعة لندن تُخبرُ عنْ محاولةِ اغتيالِ الكاتب نجيبِ محفوظٍ، الحائزِ على جائزةِ نوبل في الأدبِ، وعدتُ بذاكراتي إلى كتبٍ له كنتُ قرأتُها مْن قبْلُ، وعجبتُ لهذا الذَّكيِّ، كيف فاتهُ أنَّ الحقيقة أعظمُ من الخيالِ، وأنَّ الخلود أجلُّ من الفناءِ، وأن المبدأ الرَّبّانيَّ السَّماويَّ أسْمى من المبدأِ البشريِّ