لا تحزنْ: لأنَّ الحزَنَ كالريحِ الهوْجاءِ تُفسدُ الهواءَ، وتُبعثرُ الماءَ، وتغيِّرُ السماءَ، وتكسرُ الورودَ اليانعة في الحديقةِ الغنَّاءِ.
لا تحزنْ: لأنَّ المحزون كالنهرِ الأحمقِ ينحدرُ من البحرِ ويصبُّ في البحرِ، وكالتي نقضتْ غزلها من بعدِ قوةٍ أنكاثاً، وكالنافِخِ في قربةٍ مثقوبةٍ، والكاتبِ بإصبعهِ على الماءِ.
لا تحزنْ: فإنَّ عمركَ الحقيقيَّ سعادتُك وراحةُ بالِك، فلا تُنفقْ أيامكَ في الحزْنِ، وتبذِّرْ لياليَك في الهمِّ، وتوزِّع ساعاتِك على الغمومِ ولا تسرفْ في إضاعةِ حياتِك، فإنَّ الله لا يحبُّ المسرفين.
[لفرح بتوبة الله عليك]
ألا يشرحُ صدركَ، ويزيلُ همَّك وغمَّك، ويجلبُ سعادتك قولُ ربِّك جلَّ في علاه:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ؟ فخاطَبَهُمْ بـ «يا عبادي» تأليفاً لقلوبِهِمْ، وتأنيساً لأرواحِهِمْ، وخصَّ الذين أسرفُوا، لأنهمُ المكثرون من الذنوبِ والخطايا فكيف بغيرِهم؟! ونهاهْم عنِ القنوطِ واليأسِ من المغفرةِ وأخبر أنه يغفرُ الذنوب كلَّها لمنْ تاب، كبيرها وصغيرَها، دقيقها وجليلَها. ثم وصفَ نفسه بالضمائرِ المؤكدةِ، و «الـ» التعريفِ التي تقتضي كمال الصفةِ، فقال:{إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} .