للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصِّحَّةُ والفراغُ

ينبغي ألا تضيِّع صِحَّة جسمِك، وفراغ وقتِك، بالتقصيرِ في طاعةِ ربِّك، والثِّقةِ بسالفِ عمِلك، فاجعلْ الاجتهاد غنيمة صحَّتِك، والعمل فرصة فراغِك، فليس كلُّ الزمانِ مستعداً ولا ما فات مستدركاً، وللفراغِ زيْغٌ أو ندمٌ، وللخْلوةِ مَيْلٌ أو أسفٌ.

وقال عمرُ بنُ الخطابِ: الراحةُ للرجالِ غفْلةٌ، وللنساءِ غُلْمةٌ.

وقال بزرجمهرُ: إنْ يكنِ الشغلُ مَجْهَدةً، فالفراغُ مفْسدَةٌ.

وقال بعضُ الحكماءِ: إيَّاكمْ والخلواتِ، فإنها تُفسدُ العقول، وتعقِدُ المحلول.

وقال بعضُ البلغاءِ: لا تمضِ يومك في غير منفعةٍ، ولا تضعْ مالك في غيْر صنيعةٍ، فالعمرُ أقصرُ منْ ينفَدَ في غيرِ المنافعِ، والمالُ أقلُّ منْ أنْ يُصرف في غيرِ الصانع، والعاقلُ أجلُّ منْ أنْ يُفني أيامه فيما لا يعودُ عليه نفعُه وخيرهُ، ويُنفق أموالهُ فيما لا يحصُل له ثوابُه وأجْرُه.

وأبلغُ منْ ذلك قولُ عيس ابن مريم، على نبينا وعليه السلامُ: البرُّ ثلاثةٌ: المنطقُ، والنَّظرُ، والصَّمتُ، فمنْ كان منطقُه في غيرِ ذكرٍ فقد لغا، ومنْ كان نظرُه في غيْرِ اعتبارٍ فقدْ سها، ومنْ كان صمْته في غيرِ فِكْرٍ فقد لها.

<<  <   >  >>