يُنجزُ ما لم يُنجزْهُ منْ أخذهُ دفعةً واحدةً، مع بقاءِ جذوةِ الرُّوحِ وتوقُّدِ العاطفةِ.
ومما استفدتُه عنْ بعض العلماءِ، أنَّ الصلوات ترتِّبُ الأوقاتِ، أخذاً منْ قولِ الباري:{إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} . فلو أنَّ العبد وزَّع أعمالهُ الدينية والدُّنيوية بعد كلِّ صلاةٍ، لوجد سعةً في الوقت، وفسحةً في الزمنِ.
وأنا أضربُ لك مَثَلاَ: فلو أن طالب العِلْم، جعل ما بعد الفجرِ للحفْظِ في أيّ فنٍّ شاء، وجعل بعد الظُّهر للقراءةِ السهْلةِ في المجامع العامَّة، وجعل بعد العصر للبحثِ العلميِّ الدقيقِ، وما بعد المغربِ للزِّيارةِ والأُنسِ، وما بعد العشاءِ لقراءة الكُتُبِ العصريَّةِ والبحوثِ والدوريَّاتِ والجلوس مع الأهل، لكان هذا حسناً، والعاقِل له مِنْ بصيرتِه مَدَدٌ ونورٌ. {إَن تَتَّقُواْ اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} .
بلا فوضويَّة
مما يُكدِّرُ ويُشتِّتُ الذِّهن، الفوضويَّةُ الفكريَّةُ التي يعيشُها بعضُ الناسِ، فهو لم يحدِّد قُدراتِه، ولم يقصدْ إلى ما يجمعُ شمل فكْرهِ ونظرِه؛ لأن المعرفة شعوبٌ ودروبٌ، ولابُدَّ منْ تحديدِ آيتِها ومعرفةِ مسالكها، ويُجمعُ رأْيه على مشربٍ معروفٍ، لأنّ التَّفرد مطلوبٌ.