إنَّ الحاسد يُشْعِلُ فرناً ساخناً ثم يقتحمُ فيه. التنغيصُ والكدرُ والهمُّ الحاضرُ أمراضٌ يولّدها الحسدُ لتقضي على الراحةِ والحياةِ الطيبةِ الجميلةِ. بلِيَّةُ الحاسِدِ أنهُ خاصمَ القضاءَ، واتهم الباري في العدْلِ، وأساء الأدب مع الشَّرعْ، وخالف صاحبَ المنْهجِ.
يا للحسد من مرضٍ لا يُؤجرُ عليهِ صاحبُه، ومن بلاءٍ لا يُثابُ عليه المُبْتَلَى به، وسوف يبقى هذا الحاسدُ في حرقةٍ دائمةٍ حتى يموت أو تذْهَبَ نِعمُ الناسِ عنهم. كلٌّ يُصالحُ إلاَّ الحاسد فالصلحُ معه أن تتخلّى عن نعمٍ اللهِ وتتنازل عن مواهِبِك، وتُلْغِي خصائِصك، ومناقِبك، فإن فعلت ذلك فلَعَلَّهُ يرضى على مضضٍ، نعوذُ باللهِ من شرِّ حاسد إذا حسدْ، فإنه يصبحُ كالثعبانِ الأسودِ السَّام لا يقر قراره حتى يُفرِغَ سمَّهُ في جسم بريءٍ.
فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ باللهِ من الحاسِدِ فإنه لك بالمرصادِ.
اقبلِ الحياة كما هي
حالُ الدنيا منغصةُ اللذاتِ، كثيرةُ التبعاتِ، جاهمةُ المحيَّا، كثيرةُ التلوُّنِ، مُزِجتْ بالكدرِ، وخُلِطتْ بالنَّكدِ، وأنت منها في كَبَد.
ولن تجد والداً أو زوجةً، أو صديقاً، أو نبيلاً، ولا مسكناً ولا وظيفةً إلاَّ وفيه ما يكدِّرُ، وعنده ما يسوءُ أحياناً، فأطفئ حرَّ شرِّهِ ببردِ خيْرِهِ، لتنْجُوَ رأساً برأس، والجروحُ قصاصٌ.