إنَّ أكبر مُصلِحٍ في العالمِ رسولُ الهدى محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -، عاش فقيراً، يتلوَّى من الجوعِ، لا يجدُ دقْلَ التمرِ يسدُّ جوعه، ومع ذلك عاش في نعيمٍ لا يعلمُه إلا اللهُ، وفي انشراحٍ وارتياحٍ، وانبساطٍ واغتباطٍ، وفي هدوءٍ وسكينةٍ {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ {٢} الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ} ، {وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} ، {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} .
في الحديثِ الصحيحِ:((البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإثم ما حاك في صدرِك وكرهْت أن يطلع عليه الناسُ)) .
إنَّ البرَّ راحةٌ للضميرِ، وسكونٌ للنفسِ، حتى قال بعضُهم:
البرُّ أبقى وإنْ طال الزَّمانُ به ... والإثمُ أقبحُ ما أوعيت منْ زادِ
وفي الحديث:((البرُّ طُمأنينةٌ، والإثم ريبةٌ)) . إنَّ المحسن صراحةً يبقى في هدوءٍ وسكينةٍ، وإنَّ المريب يتوجَّسُ من الأحداثِ والخطراتِ ومن الحركاتِ والسَّكناتِ {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} . والسببُ أنه أساء فحسْبُ، فإنَّ المسيء لابدَّ أنْ يقلق وأنْ يرتبِك وأنْ يضطرب، وأنْ يتوجَّس خِيفةً.
إذا ساءِ فِعْلُ المرءِ ساءتْ ظنونُهُ ... وصدَّق ما يعتادُهُ مِنْ تَوَهُّمِ
والحلُّ لمنْ أراد السعادة، أنْ يُحْسن دائماً، وأنْ يتجنَّب الإساءة، ليكون في أمنٍ {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} .