للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتسويفِهِ، ووعْدِه ووعيدِه، فهذا القلبُ ليس فيهِ إلا اللهُ: {قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} .

وكذلك تستحيلُ سلامةُ القلبِ من السُّخطِ وعدمِ الرضا، وكلَّما كان العبدُ أشدَّ رضاً، كان قلبُه أسْلَمَ. فالخبثُ والدَّغَلُ والغشُّ: قرينُ السُّخطِ. وسلامةُ القلبِ وبرُّه ونُصحُه: قرينُ الرضا. وكذلك الحسدُ هو منْ ثمراتِ السخطِ. وسلامةُ القلبِ منهُ: منْ ثمراتِ الرضا. فالرضا شجرةٌ طيِّبة، تُسقى بماءِ الإخلاصِ في بستانِ التوحيدِ، أصلُها الإيمانُ، وأغصانُها الأعمالُ الصالحةُ، ولها ثمرةٌ يانِعةٌ حلاوتُها. في الحديثِ: ((ذاق طعْم الإيمانِ منْ رضي باللهِ ربّاً، وبالإسلام ديِناً، وبحمدٍ نبياً)) . وفي الحديث أيضاً: ((ثلاثٌ منْ كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمانِ....)) .

السُّخْطُ بابُ الشَّكِّ:

والسُّخطُ يفتحُ عليهِ باب الشَّكِّ في اللهِ، وقضائه، وقدرِه، وحكمتِهِ وعلمِهِ، فقلَّ أنْ يَسْلَمَ الساخِطُ منْ شكٍّ يُداخلُ قلبه، ويتغلغلُ فيه، وإنْ كان لا يشعرُ به، فلوْ فتَّش نفسه غاية التفتيشِ، لوَجَدَ يقينهُ معلولاً مدخولاً، فإنَّ الرضا واليقين أخوانِ مُصطحبانِ، والشَّكَّ والسُّخط قرينانِ، وهذا معنى الحديثِ الذي في الترمذيِّ: ((إنِ استطعت أن تعمل بالرِّضا مع اليقينِ، فافعل. فإن لم تستطع، فإن في الصبر على ما تكره النَّفْسُ خيْراً كثيراً)) . فالساخطُون ناقِمون منْ الداخلِ، غاضبِون ولوْ لمْ يتكلمَّوا، عندهم إشكالاتٌ وأسئلةٌ، مفادُها: لِم هذا؟ وكيف يكونُ هذا؟ ولماذا وقع هذا؟

<<  <   >  >>