طفح السرورُ عليَّ حتى إنني ... منْ عظمِ ما قد سرَّني أبكاني
إنَّ هناك ملاذاتٍ آمنة للخائفين في كَنَف أرحمِ الراحمين، فهو يرى ويسمعُ ويُبصرُ الظالمين والمظلومين، والغالبين والمغلوبين {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} .
ذكرتُ بهذا طائراً يسمَّى الحُمَّرة، جاءت تُرفرفُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو جالسٌ مع أصحابِه تحت شجرةٍ، كأنها بلسانِ الحالِ تشكو رجلاًَ أخذ أفراخها منْ عشِّها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((منْ فجع هذه بأفراخِها؟ رُدُّوا عليها أفراخها)) .
وقال سعيدُ بنُ جبيرٍ: واللهِ لقد فررتُ من الحجَّاج، حتى استحييتُ من اللهِ عزَّ وجلَّ. ثم جيءَ به إلى الحجّاج، فلمَّا سُلَّ السيفُ على رأسِه، تبسَّم. قال الحجاجُ: لِم تبتسمُ؟ قال: أعجبُ منْ جُرأتك على اللهِ، ومن حِلْمِ الله عليك. يا لها من نفْسٍ كبيرةٍ، ومن ثقةٍ في وعدِ اللهِ، وسكونٍ إلى حُسْنِ المصيرِ، وطِيبِ المُنقلَب. وهكذا فليكُنِ الإيمانُ.