فقال إبراهيم الزَّجاج للقاسم بن عبد الله: هذه كتب جليلة، فلا تفوتنَّك. فتقدم القاسم إلى عليِّ بن عبيد الله رأس البَغْل أن يقوِّم الكتب ويأخذها له، فأحضر خيران الورَّاق فقوَّم ما يساوي عشرة دنانير بثلاثة دنانير، فبلغت أقل من ثلاثمئة دينار. فلما رأيتُ بعد ذلك -وقد أحضرنا لشراء كتب يبيعها ولد القاسم- ديوان مسائل الأخفش، وعليه بخط خيران أربعة دنانير، وعليه خطُّ أحمد بن يحيى:"كتبتُ إلى أبي حاتم السجستانيِّ أن ينسخ لي مسائل الأخفش كلها في النحو، فوجَّه إليَّ بهذه النسخة، وأعلمني أنه لم يَبْقَ له مسألة إلا وهي في هذا الكتاب" فبلغت الأجزاء، فأخذها بعض ولد القاسم، ولم يمكِّنَّا من شرائها.
قال محمد بن أبان بن سيِّد: وهي بخط ذي الرّمة ورّاق أبي حاتم. وقد رأيت هذه النُّسخة بين يدي أمير المؤمنين المستنصر بالله قبل ولايته، أتته من العراق.
قال أبو بكر محمد بن أبي الأزهر -واسمه يزيد-: توفي أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب ليلةَ السبت لثلاث عشرة ليلةً خلت من جُمادى الأولى، وكان دفنه صبيحة يوم السبت في حجرةٍ اشتريت له، وكان خلَّف أحدًا وعشرين ألف درهم وألفي دينار، ودكاكين بباب الشام قيمتها ثلاثة آلاف دينار، فرُدَّ مالُه على ابنة ابنته.
وقال الأوارجيُّ الكاتب: حدثني العَجْوَزِيّ قال: قال ثعلب: ولدتُ سنةَ مئتين.
وتوفي سنة إحدى وتسعين ومئتين، وفيها توفي أبو الحسين القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب وليُّ المدينة، وأبو العباس أحمد بن محمد بن الفرات.