الرأس، لا يدخله شيء إلَّا بعُسْر؛ فإذا دخله لم يخرج منه - يعني لا ينسى.
وقال ابن سلام، عن أبي زيد النحوي: ما رأيتُ أبذلَ لعلمٍ من يونس.
وحدثنا أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي قال: حدثنا أبو بكر بن دريد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا أبو عبيدة، عن يونس قال: كنت عند أبي عمرو بن العلاء، فجاءة شُبَيْل بن عَزْرَةَ الضُّبَعيُّ، فقام إليه أبو عمرو فألقى له لِبْدَ بَغْلَتِه، فجلس عليه، ثم أقبل يحدثه، فقال شبيل: يا أبا عمرو، سألتُ رُؤَيبتكم هذا عن اشتقاق اسمه، فما عرفه. قال يونس: فلم أملك نفسي عند ذكره لرُؤْبَةَ، فزحفتُ إليه ثم قلتُ: لعلك تظن أن معدَّ بنَ عدنانَ أفصحُ من رُؤْبَةَ ومن أبيه! فأنا غلامُ رُؤبة؛ فما الرَّوْبَةُ، والرُّوبَةُ، والرُّوبَةُ، والرُّوبَةُ، والرُّؤْبَةُ؟ فلم يُحِرْ جوابًا، وقام مُغضَبًا. فأقبل عليَّ أبو عمرو وقال: هذا رجل شريف يقصد مجالسنا، ويقضي حقوقنا، وقد أسأتَ فيما واجهتَه به. فقلت له: لم أملك نفسي عند ذكره رؤبة. فقال له أبو عمرو: أَوَسُلِّطتَ على تقويم الناس! ثم فسر لنا يونس فقال: الرَّوْبَةُ خميرة اللبن. والروبة قطعة من الليل. وفلان لا يقوم بروبة أهله؛ أي بما أسندوا إليه من أمورهم. والروبة جمام ماء الفحل. والرؤبة -مهموزة-: القطعة تدخلها في الإناء يشعب بها الإناء.
ولما مات سيبويه قيل ليونس: إن سيبويه ألَّف كِتابًا من ألْفِ ورقة في علم الخليل. فقال يونس: ومتى سمع سيبويه من الخليل هذا كله؟ جيئوني بكتابه. فلما نظر في كتابه ورأى ما حكى، قال: يجب أن يكون هذا الرجل قد صدق عن الخليل فيما حكاه، كما صدق فيما حَكى عنِّي.
حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا المِهرانيّ قال: حدثنا يزيد المهلَّبيّ، عن الموصلي إسحاق، عن ابن سلام، عن يونس قال: ما بكتِ العربُ شيئًا