ابتدأتَنا به الكذب! فقلتُ: ما كذبتُ. فقال: كيف وقد قلتَ لأمير المؤمنين: إن الصواب: {وما يشعركم أَنَّها إذا جاءت} بالفتح؟ فقلت: أيها الوزير، لم أقل هكذا، وإنما قلتُ: أكثر الناس يقرؤُها بالفتح، وأكثرهم على الخطإِ، وإنَّما تخلصتُ من اللائمة، وهو أمير المؤمنين. فقال لي: أحسنتَ. قال أبو العباس: فما رأيتُ أكرمَ كرمًا، ولا أرطب بالخير لسانًا من الفتح.
قال أبو العباس: أُحضِرتُ مجلسَ المتوكل يومًا، وقد عمِل فيه النبيذ، وبين يديه أبو عُبَادة الوليد بن عُبيد البحتري، وهو يُنْشد قصيدة يمدح فيها المتوكل، وبالقرب من البُحْتري أبو العنْبس الصَّيْمَرِيّ، فأنشد البحتري قصيدته التي أولها: