الربيع بن مسلم بن عبد الله السمعاني المروزى كان إماماً ورعاً متقناً أحكم العربية واللغة وصنف فيهما التصانيف المفيدة وولداه أبو القاسم عليّ وأبو المظفر المنصور جدى أما أبو القاسم فهو عليّ بن محمد ابن عبد الجبار السمعاني كان فاضلا عالماً كثير المحفوظ خرج إلى كرمان وصاهر الوزير بها ورزق الأولاد وكان قد سمع مع والده من شيوخه ولما انتقل أخوه جدنا أبو المظفر من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي هجره وأظهر الكراهة له وقال خالفت مذهب الوالد فكتب جدي كتاباً إليه وقال ما تركت المذهب الذى كان عليه والدي في الأصول بل انتقلت من مذهب القدرية فإن أهل مرو صاروا في أصول عقائدهم إلى رأى أهل القدر وصنف كتاباً يزيد على عشرين جزءًا في رد القدرة وأهداه إليه فرضي عنه وطاب قلبه وابنه أبو العلاء عليّ بن عليّ السمعانى أقام عنده مدة يتعلم ويدرس الفقه ولما مات والده فوض إليه ما كان إلى والده من المدرسة وغيرها ورزق أبو العلاء الأولاد وهم بكرمان ونواحيها إلى الساعة علماء وجدنا أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار إمام عصره بلا مدافعة وعديم النظير في وقته ومن طالع تصانيفه وأنصف عرف محله من العلم صنف التفسير الحسن المليح الذى استحسنه كل من طالعه وأملى الحديث في مجالس وصنف التصانيف في الحديث مثل منهاج أهل السنة والانتصار والرد على القدرية وغيرها وصنف في أصول الفقه القواطع وفي الخلاف البرهان وهو مشتمل على قريب من ألف مسألة خلافية والمختصر الذى سار في الآفاق والأقطار الملقب بالاصطلام وفيه على أبي زيد الدبوسى وأجاب عن الأسرار التى جمعها وكان فقيهاً مناظراً انتقل بالحجاز إلى مذهب الشافعي وأخفى ذلك إلى أن وصل إلى مرو وجرى له في الانتقال محن ومخاصمات وثبت عليه ونصر ما اختاره وكانت مجالس وعظه كثيرة النكت والفوائد سمع الحديث الكثير في صفره وكبره وكانت ولادته سنة ٤٢٦ في ذي الحجة ووفاته يوم الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة ٤٨٩ بمرو ورزق من الأولاد خمسة أبو بكر محمد والدى وأبو محمد الحسن وأبو القاسم أحمد وابن رابع وبنت ماتا عقيب موته بمدة يسيرة فأما والدى أبو بكر محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار كان والده يقول على رؤوس الأشهاد في مجلس الإملاء ابني محمد أعلم منى وأفضل تفقه عليه ورع في الفقه وفاق أقرانه وشرع في عدة مصنفات ما تم شيء منها لأنه لم يتمتع بعمره سافر إلى الحجاز والعراق ورحل إلى أصبهان لسماع الحديث وأدرك الشيوخ والأسانيد العالية وأملى مائة وأربعين مجلساً في الحديث من طالعها علم أن أحداً لم يسبقها بمثلها. وكتب إليَّ إجازة بجميع مسموعاته وكانت ولادته في جمادي الأولى سنة ٤٦٦ وتوفي يوم الجمعة الثالث من صفر سنة ٥١٠ ودفن عند والده وأما عمي الأكبر أبو محمد الحسن بن أبي الظفر السمعاني كان إماما زاهداً عابداً ورعا كثير العبادة والتهجد نفقه على والده وسمع منه الحديث ورحل مع والدي إلى نيسابور وسمع أباه وجماعة وسمعت منه الكثير وكان يحبني ويكرمني وظني أنه ولد بعد ولدي بسنتين ودخل عليه اللصوص وخنقوه ليلة الإثنين سنة ٥٣١ وولده ابن عمي أبو منصور محمد بن الحسن كان إماما فاضلا وافر الأدب