للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أمير كاتب العميد) بن أمير غازي قوام الدين المكني بأبي حنيفة الاتقاني الفارابي نسبته إلى فاراب ناحية وراء نهر سيحون وإتقان قصبته بكسر الألف وسكون التاء المثناة الفوقية وقاف مفتوحة بعدها ألف بعدها نون ونقل بعد تلامذة جوى زاده عنه أنه قال وجدته بخط أمير كاتب مضبوطاً بفتح الألف ولد سنة خمس وثمانين وستمائة وأخذ عن أحمد بن أسعد الخريفعنى عن حميد الدين على الضرير البخارى عن شمس الأئمة محمد الكردرى عن صاحب الهداية وكان رأساً في الحنفية بارعاً في الفقه واللغة والعربية كثير الإعجاب بنفسه شديد التعصب على من خلفه يدل علية كلماته الواقعة في تصانيفه كشرح المنتخَب الحسامي وسماه التبيين وشرح الهداية وسماه غاية البيان ونادرة الأقران وكان قدولي تدريس مشهد الإمام ببغداد وقدم دمشق مرتين اجتمع في الأولى بالأمير نائب السلطنة وتكلم (١) عنده في مسألة رفع اليدين وأراد إبطاله فدفعه الشيخ تقي الدين علي بن عبد الكافي الشافعي السبكي ثم أتى إلى مصر ودرس هناك.

(قال الجامع) قد طالعت من تصانيفه التبيين وغاية البيان فوجدته كما قال الكفوي شديد التعصب في مذهبه بسيط اللسان على مخالفه قال في بحث حروف المعانى ثم الغزالى شنع في المنخول على أبي حنيفة في أشياء من غير حجة على دعواه ولا دليل على ما خيل فلولا إطالة الكتاب أوردناه ورددناه برد لا يرد على وجه تثوب روحه علما فعلت يده ولسانه والله أن كنا لنعتقده غاية الاعتقاد لأجل ما جمع في إحيائه


(١) ذكر صاحب الكشف أن للاتقاني رسالة في رفع اليدين أولها الحمد لله على نعمائه قال فيها لما قدمت بلاد الشام سنة ٧٤٧ ودخلت دمشق في الليلة السابعة والعشرين من رمضان والناس يجتمعون لصلاة المغرب فصلينا ورفع الإمام يديه في الركوع والرفع فأعدت صلاتي وقلت له أنت مالكي أم شافعى فقال أنا شافعي فقلت له ما كان يضرك لو لم ترفع يديك في الصلاة ولا تفسد صلاة من هو على غير مذهبك فلما رفعت فسدت صلاتنا أما كان الأولى أن لا ترفع حتى تكون صلاتك جائزة بالاتفاق ولا تفسد صلاة من هو على غير مذهبك ولامه بعض من كان على مذهبنا فما أجاب بطائل وخوفاً على سقوط خدمته قال لا تفسد الصلاة ولم يرد عن أبي حنيفة فيه شيء فقلنا روى ذلك عنه مكحول النسفي فطال الجدال إلى أن صنف رسالة انتهى.
(قلت) ما أقبح كلام وما أضعفه أتفسد الصلاة بما تواتر فعله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أما علم أن الصحابة منهم من كان يرفع ومنهم من كان لا يرفع وكان يقتدي أحدهما بالآخر ولم يرو عن أحد ما تفوه به أما فهم أن إمامنا وإن لم يأخذ بأحاديث الرفع ورجح عليها أخبار ترك الرفع لكن لم يشدد في ذلك كما تشدد هو فيما هنالك أما تدبر في أن مكحولا الراوي لرواية الفساد من هو وكيف هو وهل تقبل روايته مرسلة أم ترد عليه منتقضة أما تفكر في أن مشايخنا الثقات وفقهاءنا الأثبات قد صرحوا بعدم الفساد ولم يعتبر أحد منهم رواية الفساد أفلا يكون اعراضهم موجباً لهجران تلك الرواية أفلا يكون ذلك دليلا على أنها خلاف الدراية وبالجملة فمقاصد التعصب وعدم التدبر لا تعد والبشر له ذنوب وخطأ لا تعتد.

<<  <   >  >>