الحمد لله الذي اختار في الأنبياء نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم * وشرفه على سائر المخلوقات وعظم وكرم * وجعل أمته أشرف الأمم * ودينه من بين سائر الأديان ديناً أقوم * فسبحانه من إله أحمده حمداً مطيباً على أن أجرى أنهار الشرع من حضرة الرسالة إلى أكناف العالم * وجعل لحفرها وأجرائها أئمة سادة وفقهاء قادة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين هداة الأمة إلى الطريق الأمم * ما أعظم شأنه أشكره شكراً طيباً على أنه جعل اختلاف المذاهب رحمة وافتراق المشارب نعمة بأيها اقتدى الإنسان اهتدى إلى طريق الجنان ونال بحظ أعظم * أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله ومشى طريقه ما تقارن السفر والقلم * وتواصل الناعم بالنعَم (وبعد) فيقول الراجي عفو ربه القوي أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي تجاوز الله عن ذنبه الجلي والخفي أن في علم التاريخ عبرة لمن اعتبر وموعظة لمن افتكر وإعلام أن من دخل دار الدنيا فهو على سفر وإحضار حالات من مضى وغبر ونداءً على أن كل ما في هذه الدار فهو مقهور تحت القضاء والقدر لا يتأخر ساعة ولا يتقدم لمحة عن وقته المقدر فهو أجل ما يطالعه أرباب العقول وأعز ما ينفع به الجهول وأفضل ما يعاينه نقاد الفحول وأعلى ما تبصر به الغَفول وله شعب متفرقة وصنوف متشتتة وأجلها فن تراجم الكبار وأخبار الأخيار ففيه غير ما مضى فوائد جمة ومنافع مهمة منها الاطلاع على مناقبهم وأوصافهم ونباهتهم وجلالتهم ليحصل التأدب بآدابهم والتخلق بأخلاقهم فيحشر في زمرتهم ويدخل فيهم وإن لم يكن منهم ومنها الاطلاع على مراتبهم ومدارجهم فيؤمن به من تنزيل أعلى الرتبة إلى الأدنى وتعريج أدنى المرتبة إلى الأعلى واختيار قول أدناهم على أعلاهم عند تعارض أقوالهم وإفاداتهم ومنها الاطلاع على مواليدهم وأعصارهم ووفياتهم وأزمانهم فيحصل الأمن من جعل القديم حديثاً والحديث قديماً والمتقدم متأخراً والمتأخر متقدماً ومنها الاطلاع على آثارهم وحكاياتهم وفيوضهم وتصنيفاتهم فيتحرك عرق الشوق إلى الاهتداء بهديهم والاقتداء بسيرهم ولم أزل من حين ترعرعت من الصبا إلى الشباب متشوقاً إلى استدراك أخبار العلماء الأنجاب كم طالعت فيه من كتب الطبقات وأسفار حوادث السنين والأوقات إلى أن حصل عندي من ذلك الحظ الأَوفر واختزن منه القدر الأكثر فأردت أن أجمع ذلك في مجموع يكون هو منتهى الجموع لما أني رأيت علماء زماننا بل كثيراً ممن سبقنا في بلادنا قد ظنوه شيئاً فريًّا واتخذوه ظهريًّا فصار ذلك عليهم كنزاً مخفيًّا بل نسياً