للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجميل مملوء في بطون الأوراق ولد سنة تسع وعشرين وقيل سنة ثلاثين ومائتين ومات سنة إحدى وعشرين وثلثمائة وكان يقرأ على المزني (١) الشافعي وهو خاله وكان الطحاوي يكثر النظر في كتب أبي حنيفة فقال له المزني والله لا يجيء منك شيء فغضب وانتقل من عنده وتفقه في (٢) مذهب أبي حنيفة وصار إمامًا فكان إذا درس أو أجاب في شيء من المشكلات يقول رحم الله خالي لو كان حيا لكفر (٣) عن يمينه: أخذ الطحاوي الفقه عن أبي جعفر أحمد ثم خرج إلى الشام فلقي بها أبا خازم عبد الحميد قاضى القضاة بالشام فأخذ عنه عن عيسى بن أبان عن محمد وكان إماما في الأحاديث والأخبار وسمع الحديث من كثير من المصريين والغرباء القادمين إلى مصر وله تصانيف جليلة معتبرة فمنها أحكام القرآن وكتاب معاني الآثار ومشكل الآثار والمختصر وشرح الجامع الكبير وشرح الجامع الصغير وكتاب الشروط الكبير والصغير والأوسط والمحاضر والسجلات والوصايا والفرائض وكتاب مناقب أبي حنيفة وتاريخ كبير والنوادر الفقهية والرد على أبي عبيد فيما أخطأ في اختلاف النسب والرد علي عيسى بن أبان وحكم أراضي مكة وقسم الفقيه والغنائم وغير ذلك والطحاوى بفتح الطاء والحاء المهملتين نسبة إلى طحية قرية بصعيد مصر.

(قال الجامع) قد طلعت من تصانيفه معاني الآثار وقد يسمى بشرح معاني الآثار فوجدانه مجماً للفوائد


= الحنفي تقليداً محضاً فإنه اختار فيه أشياء تخالف مذهب أبي حنيفة لما لاح له من الأدلة القوية انتهى وبالجملة فهو في طبقة أبي يوسف ومحمد لا ينحط عن مرتبتهما على القول المسدد.
(١) هو من كبار أصحاب الشافعي معدود في المجتهدين المنتسبين وعده بعضهم مجتهداً مستقلاً وهو إسماعيل بن أبي بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق بن إبراهيم المزني المصري تلميذ الإمام الشافعي قال أبو إسحاق كان زاهداً عالماً مجتهداً مناظراً غواصاً على المعانى الدقيقة ولد سنة ١٧٥ وتوفي في شوال سنة ٢٦٤ وكان مجاب الدعوة كذا في طبقات ابن شهبة وفي مرآة الجنان أنه أعرفهم بطريق الشافي وفتاواه صنف كتباً كثيرة منها الجامع الكبير والجامع الصغير والمختصر وهو أصل الكتب المصنفة في مذهب الشافعي والمزني نسبة إلى مزينة كلب انتهى ملخصاً.
(٢) هذا يدلك على جواز الانتقال من مذهب إلى مذهب وأما ما في بعض الفتوى أن المنتقل يعزر فمحمول على ما إذا انتقل لغرض دنيوى أو بتحقير المذهب المنتقل عنه وإلا فلا وما في بعض الفتاوي أنه يجوز للشافعي أن يكون حنفياً ولا يجوز العكس فتعصب لائح وتشدد واضح لا يلتفت إليه.
(٣) قال شاه عبد العزيز الدهلوي في بستان المحدثين هذا الحكم على مذهب المزني لا على مذهبه فإن مثل هذا اليمين على رأي الحنفية من اللغو ولا كفارة فيه بخلاف الشافعية فإنه عندهم من المنعقدة واللغو هو ما جرى على اللسان بغير قصد انتهى ملخصاً معرباً. قلت هذا إنما يصح إذا كان يمينه بلفظ لا جاء منك شيء على لفظة الماضني كما في بعض الكتب وأما إذا كان يمينه بلفظة لا يجيء على الاستقبال فالكفارة واجبة فيه عندنا أيضاً كما لا يخفى على ماهر في الفقه.

<<  <   >  >>