للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُوبَقُ (١) بعملِهِ، ومنهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ (٢) ثمَّ يَنجُو، حتَّى إذا فرَغَ اللَّه مِنَ القضاءِ بينَ عِبادهِ وأرادَ أنْ يُخرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أرادَ أنْ يُخرِجَهُ ممَّنْ كانَ يَشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللَّه؛ أمرَ الملائِكَةَ أنْ يُخرِجُوا مَنْ كانَ يعبُدُ اللَّه، فيُخرِجونَهُمْ ويَعرِفُونَهُمْ بآثارِ السُّجودِ، وحرَّمَ اللَّه على النَّارِ أنْ تأكُلَ أثرَ السُّجودِ، فكُلُّ ابنِ آدمَ تأكلُهُ النَّارُ إلّا أثرَ السُّجودِ، فيُخرَجونَ مِنَ النَّارِ قدِ امتَحَشُوا، فيُصَبُّ عليهِمْ ماءَ الحَياةِ، فَيَنْبِتُونَ كما تنبُتُ الحِبَّة في حَميلِ السَّيْلِ، ويَبقَى رجلٌ بينَ الجنَّةِ والنَّارِ، وهوَ آخِرُ أهلِ النَّارِ دُخولًا الجنَّةَ، مُقبِل بوَجهِهِ قِبَلَ النَّارِ فيقول: يا ربِّ اصرِفْ وَجهي عنِ النَّارِ قدْ قَشَبَني رِيحُها وأحرَقَني ذَكاؤُها (٣)، فيقول: هلْ عَسَيْتَ إنْ فُعِلَ ذلكَ بكَ أنْ تسألَ غيرَ ذلك؟ فيقول: لا وعِزَّتِكَ، فيُعطي اللَّهَ ما شاءَ مِنْ عَهْدٍ ومِيثاقٍ، فيَصرِفُ اللَّه وجهَهُ عنِ النَّارِ، فإذا أقبَلَ بهِ إلى الجنَّةِ رأَى بهجَتَها سكتَ ما شاءَ اللَّه أنْ يَسكُتَ، ثمَّ قال: يا رب قَدِّمْني عِندَ بابِ الجنَّةِ، فيقولُ اللَّه تباركَ وتعالَى: أليسَ قدْ أَعطيْتَ العُهودَ والمِيثاقَ أنْ لا تَسألَ غيرَ الذي كنتَ سألتَ؟ فيقول: يا ربِّ لا أكونُ أشقَى خَلقِكَ، فيقول: فما عَسَيْتَ إنْ أُعطيتَ ذلكَ أنْ تسألَ غيرَهُ، فيقول: لا وعِزَّتِكَ لا أسالُ غيرَ ذلكَ، فيُعطي ربَّهُ ما شاءَ منْ عهدٍ ومِيثاقٍ، فيُقدِّمُهُ إلى بابِ الجنَّةِ، فإذا بلغَ بابَها فرأَى زَهرتَها وما فيها مِنَ النَّضرَةِ والسُّرورِ، فسكتَ ما شاءَ اللَّه أنْ يَسكُتَ، فيقول: يا ربِّ أدخِلْني الجنَّةَ، فيقولُ اللَّه تباركَ وتعالَى: ويلكَ يا ابنَ آدمَ ما أغدَرَكَ أليسَ قدْ أَعطيْتَ العُهودَ والمِيثاقَ أنْ لا تَسألَ غيرَ الذي


(١) يُوبَقَ: أي يهلك ويحبس.
(٢) المُخَرْدَل هو المَرْميّ المصروع، وقيل المقطع، تقطعه كلاليب الصراط حتَّى يهوي في النار، يقال خرْدَلتُ اللحم: أي فصلت أعضاءه وقطعته (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث ٢/ ٢٠).
(٣) قَشَبَني معناه: سمَّني واذاني وأهلكني، وذكاؤها معناه: لهبها واشتعالها وشدة وهجها، والأشهر في اللغة ذكاها مقصور، وذكر جماعات أن المد والقصر لغتان (النووي، شرح صحيح مسلم ٣/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>