بذلك في قوله:(ثم منها ما يكون صحيحًا بنقل العدل عن العدل إلى الصحابي، ولكن لا يكون للصحابي إلا راوٍ واحد بنقل العدل إلى العدل، وإلى التابعي، ولا يكون للتابعي إلَّا راوٍ واحد).
وهو بهذا يخالف الجمهور، لأن للصحيح عندهم درجات سبع فوق مرتبة الحسن، وعلى هذا فإن هناك كثيرًا من الأحاديث الصحيحة عند الجمهور جاءت عنده من الحِسان. وهذا يدل على مبلغ تشدّده رحمه اللَّه في التصحيح.
[انتقاد العلماء لمنهج البغوي]
لقد تعرض البغوي بسبب اصطلاحه الخاص للحديث الصحيح والحسن لانتقاد علماء الحديث الذين جاءوا بعده، وفي ذلك يقول ابن الصلاح (٦٤٣ هـ) في "مقدمة علوم الحديث" ص ٣٤: (ما صار اليه صاحب "المصابيح" رحمه اللَّه من تقسيم أحاديثه إلى نوعين، الصحاح والحسان، مريدًا بالصحاح ما ورد في أحد الصحيحين، أو فيهما، وبالحِسان ما أورده أبو داود والترمذي وأشباههما في تصانيفهم، فهذا اصطلاح لا يُعرَف، وليس الحسن عند أهل الحديث عبارة عن ذلك، وهذه الكتب تشتمل على حسنٍ وغيرِ حسن كما سبق بيانه واللَّه أعلم).
ويقول الإمام النووي (٦٧٦ هـ) في كتابه "التقريب"(١): (وأما تقسيم البغوي إلى حسان وصحاح، مريدًا بالصحاح ما في الصحيحين، وبالحسان ما في السنن، فليس بصواب؛ لأن في السنن: الصحيح والحسن والضعيف والمنكر).
ويقول الكتاني (١٣٤٥ هـ) في الرسالة المستطرفة صفحة ١٣٣: (وكمصابيح السنة لأبي محمد البغوي قسّمها إلى صحاح وحِسان، مريدًا