المتأولان في التصحيح والتضعيف، وهما الحاكم وابن الجوزي، فإن الحاكم مشهور بالتساهل في التصحيح، وابن الجوزي مشهور بالتساهل في دعوى الوضع -كل منهما [روى] هذا الحديث، فصرح الحاكم بأنه صحيح، وابن الجوزي بأنه موضوع. والحق أنه في درجة الحسن لكثرة طرقه التي يقوى بها الطريق الأولى، واللَّه أعلم.
• الحديث الرابع: حديث "من عزَّى مصابًا فله مثل أجره". [الحديث: ١٢٣٦]
قلت: أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث عبد اللَّه بن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورجاله رجال "الصحيحين" إلا علي بن عاصم فإنه ضعيف عندهم. قال الترمذي بعد تخريجه:"لا نعرفه مرفوعًا إلا عن علي بن عاصم.
ورواه بعضهم عن محمد بن سوقة شيخ علي بن عاصم موقوفًا على عبد اللَّه بن مسعود. وقال الترمذي أيضًا: "أنكروه على علي بن عاصم، وعدوه من غلطه".
وقال أبو أحمد بن عدي: رواه جماعة متابعة لعلي بن عاصم، سرقه بعضهم منه، وأخطأ فيه بعضهم.
وأخرجه ابن عدي من حديث أنس بلفظ "من عزَّى أخاه المسلم من مصبته كساه اللَّه حلَّة"، وسنده ضعيف.
وأخرجه أبو الشيخ في "كتاب الثواب" من حديث جابر بمعناه وأبو يعلى من حديث أبي برزة بلفظ آخر. وقد قلنا: إن الحديث إذا تعددت طرقه يقوى بعضها ببعض، وإذا قوي كيف يحسن أن يطلق عليه: إنه مختلق؟!