وجاء تعريف الحديث الحسن بأنه:(الذي لا يكون في إسناده من يُتهم بالكذب، ولا يكونَ شاذًا)(١).
تُرى ما هو السبب الذي دفع البغويّ لاعتماد هذه المصطلحات الخاصة؟ أهو عدم نضوج علم مصطلح الحديث في عصره، أم هو عدم إلمامه به ومعرفته باصطلاحات الجمهور؟ أم هو اجتهاد خاص به خالف به جمهور العلماء مع معرفته باصطلاحاتهم؟
الراجح أنه اجتهاد خاص به مع معرفته باصطلاحات الجمهور، فقد كان علم مصطلح الحديث حتى عصر المؤلف قد وصل لدرجة رَسَتْ فيه قواعده، وظهرت فيه المؤلفات الكثيرة ككتاب "المحدّث الفاصل بين الراوي والواعي" للرامهرمزي (٣٦٠ هـ)، و"معرفة علوم الحديث" للحاكم النيسابوري (٤٠٥ هـ) و"المستخرج على معرفة علوم الحديث" لأبي نُعَيْم الأصبهاني (٤٣٠ هـ) استدرك فيه على الحاكم، و"الكفاية في علم الرواية" و"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" كلاهما للخطيب البغدادي (٤٦٣ هـ). . . وغيرها الكثير.
لكن البغوي بيَّن -في آخر كتاب المناسك من كتابه- مفهومه لهذه الاصطلاحات الخاصة بشكل أوضح فقال (جعلت أحاديث كل باب من هذا الكتاب قسمين: صحاحًا وحسانًا؛ فالصحاح منها ما أورده الشيخان محمد البخاري، ومسلم في كتابيهما الصحيحين. وشرطهما مراعاة الدرجة العليا في الصحة، وهو أن يكون الحديث يرويه الصحابي المشهور بالرواية عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولذلك الراوي الصحابي ثقتان من التابعين، ثم يرويه التابعي المشهور بالرواية عن الصحابة، وله راويان من أتباع التابعين، ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور، وله رواة من الطبقة الرابعة).