الحديث الشريف، وأقبل العلماء عليه إقبالًا شديدًا، وألّفوا حوله الكتب الكنيرة، ما بين شرح، وتخريج.
وقد جعل البغوي أحاديثه قسمين تحت كل باب، صِحاحًا وحِسانًا، مريدًا بالصحاح: ما أخرجه الشيخان البخاري (٢٥٦ هـ) ومسلم (٢٦١ هـ) أو أحدهما، وبالحسان: ما أخرجه سائر الأئمة، مالك (١٧٩ هـ) والشافعي (٢٠٥ هـ) والدارمي (٢٥٥ هـ) وأحمد (٢٤١ هـ) وأبي داود (٢٧٥ هـ)، والترمذي (٢٧٩ هـ) والنسائي (٣٠٣ هـ) وابن ماجة (٢٧٥ هـ) وغيرهم، وهو اصطلاح خاص به، لكن معظم هذه الأحاديث من الصحاح باصطلاح الجمهور. وما كان فيه من ضعيف أو مرسل أو منسوخ أو معلول أو منكر ساقه لضرورة، فقد بَيَّنه وأوضحه.
وقد قمنا بتحقيق هذا السفر النفيس من كتب السنّة النبوية المطهّرة، ليخرج بين يدي القارئ بطبعة محققة محررة، فقدَّمنا للكتاب بمقدمة بيَّنَّا فيها قيمته العلمية، وخرجنا أحاديثه، وعلَّقنا عليه بما يليق بجلالة قدره ويفيد المُطالِع فيه. كما ضممنا إليه في مقدمتنا أجوبة الحافظ ابن حجر العسقلاني عن (١٨) حديثًا رماها الإِمام أبو حفص القزويني (٧٥٠ هـ) بالوضع، وقد جاءت في الصفحات (٧٧ - ٩٦).
وإننا نتوجه بالشكر العميم لمن كانت لهم أيادٍ بيضاء في إخراج هذا الكتاب لا سيّما الإِخوة رياض عبد اللَّه عبد الهادي، ومحمد عبد الرحمن المرعشلي وعامر البوتاري الذين ساهموا في تصحيح تجاربه، ووضع فهارسه. ورجاؤنا بهذا العمل شفاعة نبيِّنا المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللَّه بقلب سليم، واللَّه المستعان، وعليه التكلان، والحمد للَّه أولًا وآخرًا، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.