للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بنَمِرَةَ، فَسَارَ، فَنَزَلَ بها، حتَّى إذا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بالقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ (١) لَهُ، فَأتَى بَطْنَ الوادي فخَطَبَ النَّاسَ وقال: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمِ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدكُمْ هذا، أَلَا كُلَّ شَيءٍ مِنْ أَمْرِ الجاهِلِيَّةِ تَحْت قَدَميَّ مَوْضُوعٌ، ودِمَاءُ الجاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وإنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الحارِث -وكانَ مُسْتَرْضِعًا في بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ- ورِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وأَوَّلُ ربًّا أَضَعُ مِنْ رِبَانا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فإنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلَّهُ، فَاتَّقُوا اللَّه في النِّسَاءِ فإنِّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأمَانِ اللَّه واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه، ولَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فإنْ فَعَلْنَ ذلكَ فاَضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بالمَعْرُوفِ، وقَدْ تَرَكْتُ فيكُمْ مَا لنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتابُ اللَّه، وأَنْتُمْ تُسْئَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قالوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وأَدَّيْتَ ونَصَحْتَ. فقال (٢) بإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُها إلى السَّماءِ ويَنْكُتُهَا (٣) إلى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثلَاثَ مرات، ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ، ثُمَّ أقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أقامَ فَصَلَّى العَصْرَ، ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شيئًا، ثُمَّ رَكِبَ حتَّى أَتَى المَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ ناقَتِهِ القَصْوَاءِ إلى الصَّخَرَاتِ، وجَعَلَ حَبْلَ (٤)


(١) رُحِلَتْ له: أي جعل عليها الرحل (النووي، شرح صحيح مسلم ٨/ ١٨١).
(٢) أي أشار.
(٣) قال النووي في شرح صحيح مسلم ٨/ ١٨٤: (هكذا ضبطناه ينكتها بعد الكاف تاء مثناة فوق، قال القاضي: كذا الرواية بالتاء المثناة فوق، قال: وهو بعيد المعنى، قال: قيل صوابه ينكبها بباء موحدة، قال: ورويناه في سنن أبي داود بالتاء المثناة من طريق ابن الأعرابي، وبالوحدة من طريق أبي بكر التمار، ومعناه: يقلبها ويرددها إلى الناس مشيرًا إليهم، ومنه نكب كنانته إذا قلبها، هذا كلام القاضي).
(٤) قال النووي في شرح صحيح مسلم ٨/ ١٨٦: (روي حبل بالحاء وإسكان الباء، وروي بالجيم وفح الباء. قال القاضي عياض رحمه اللَّه: الأول أشبه بالحديث. وحبل المشاة: أي مجتمعهم، وحبل: الرمل ما طال منه وضخم. وأما بالجيم فمعناه: طريقهم وحيث تسلك الرجالة).

<<  <  ج: ص:  >  >>