للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقشت التعليلات الثلاثة:

بأنه لا يقاس العتق على الطلاق؛ لأن الشارع متشوف للعتق ومنفر عن الطلاق (١).

فأجاب السرخسي بقوله: "إلا أن البضع عند خروجه من ملك الزوج غير متقوم، فوجب المصير إلى أقرب الأشياء إليه، وذلك المهر الذي تزوجها عليه.

ألا ترى أن في الكتابة الفاسدة؛ العبد قيمة نفسه بعد ما يعتق؛ لأن ما هو المعقود عليه هو ملك اليد، والمكاسب ليست بمتقومة، فيصار إلى قيمة أقرب الأشياء إليه وهو الرقبة" (٢).

أما القول الثاني: فلم أجد له تعليلًا ولا دليلًا. ولعل تعليلهم أن الأصل في التوزيع بين الأحرار التساوي، والله أعلم.

تعليل القول الثالث:

قالوا: نظرًا إلى أعداد الطلاق في المرأة الواحدة (٣).

الترجيح:

الراجح - والله أعلم - القول الثاني وذلك لأسباب:

١. أن طلاقه مرتين لإحداهما وقع منجزًا في آنٍ واحد، فحكمه حكم الواحدة.

٢. أن قدر المرأة ومهر مثلها حين فراقها، قد يختلف عنه حين عقدها النكاح؛ فقد تكون فقيرة وَضِيْعة عند عقد نكاحها ثرية شريفة عند فراقها، وهذا غالبًا يؤثِّر في قدر المهر، فلا تضبط المسألة حينئذ، والذي يجمع بين الزوجتين أنهما حرتان.

٣. قياس المسألة بالعتق قياس مع الفارق، كما تقدم في المناقشة، والقياس الذي ذكره الإمام السرخسي رحمه الله هو قياس الشبه (٤)،

والمطلقة تطليقتين في آنٍ واحد على


(١) انظر: أسنى المطالب (٣/ ٢٤٤).
(٢) انظر: المبسوط (٦/ ١٨٢ - ١٨٣).
(٣) انظر: نهاية المطلب (١٣/ ٤٤٤).
(٤) قياس الشَّبَه: هو تردد فرع بين أصلين، فيلحق بأكثرهما شبهًا.
كما في العبد إذا أُتلف فإنه متردد في الضمان بين الإنسان الحر من حيث إنه آدمي، وبين البهيمة من حيث إنه مال، وهو بالمال أكثر شبهًا من الحر، بدليل أنه يباع ويورث ويوقف وتضمن أجزاؤه بما نقص من قيمته.
وقال بعضهم قياس الشبه: هو الذي يكون التعليل فيه بوصف يوهم الاشتمال على المناسبة، ولكن لا تظهر مناسبته ولا عدم مناسبته.

انظر: المستصفى (ص: ٣١٧)، الواضح في أصول الفقه (٢/ ٥٣)، البحر المحيط (٧/ ٢٩٣) شرح الورقات في أصول الفقه - المحلي (ص: ٢٠٥)، أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله (ص: ١٧٠).

<<  <   >  >>