للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثامنة: حكم منع الذمي من إطالة ارتفاع الدار إذا كان داره في طرف البلد لا تجاور أبنية المسلمين.]

لا خلاف بين الفقهاء في الجملة في أن أهل الذمة ممنوعون من أن تعلو أبنيتهم على أبنية جيرانهم المسلمين (١)، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» (٢).

أما إطالة الذمي ارتفاع الدار في محل لا يجاور فيها مسلمًا لا من قريب ولا من بعيد، أو ينفرد أهل الذمة بقرية، فللعلماء في ذلك قولان:

القول الأول: لا يمنع من ذلك، وهو قول الحنفية، والمالكية والحنابلة والأصح عند الشافعية (٣)، واختاره الصيدلاني (٤).


(١) انظر: حاشية ابن عابدين (٤/ ٢١١)، الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي (٣/ ٣٧٠)، بلغة السالك لأقرب المسالك (٣/ ٤٨٦)، البيان (١٢/ ٢٧٩)، تحفة المحتاج (٩/ ٢٩٦)، الإقناع (٢/ ٥٠)، كشاف القناع (٣/ ١٣٢)، الموسوعة الفقهية الكويتية (١٢/ ٢٩٧).
(٢) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم، كتاب الجنائز: باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، وابن حزم في المحلى (٥/ ٣٧١)، موقوفًا على ابن عباس - رضي الله عنهما -، وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (٢/ ٤٩٠)، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٢٠٥)، والدارقطني في سننه (٣/ ٢٥٣) مرفوعًا، بسند حسنه الحافظ في فتح الباري (٣/ ٢٢٠)، وقال الألباني في إرواء الغليل (٥/ ١٠٩): "وجملة القول أن الحديث حسن مرفوعًا بمجموع الطرق، وصحيح موقوفًا، والله أعلم".
(٣) انظر: حاشية ابن عابدين (٤/ ٢١١)، الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي (٣/ ٣٧٠)، بلغة السالك لأقرب المسالك (٣/ ٤٨٦)، منهاج الطالبين (ص: ٣١٤)، تحفة المحتاج (٩/ ٢٩٦)، الإقناع (٢/ ٥٠)، كشاف القناع (٣/ ١٣٢).
(٤) في نهاية المطلب (١٨/ ٥٣): "فأما إذا كان للذمي دار في طرف البلد لا تجاور أبنية المسلمين، فالذي قطع به الصيدلاني أنه لا يمنع الكافر من إطالة سَمْك هذه الدار، فإن المطاولة هي المحرمة، وهذا المعنى إنما يتحقق في الدور المجاورة.

وقال أيضًا: لو كان للكفار حارة مخصوصة بهم لا يخالطهم فيها مسلم، فإذا أراد الكفار إطالة أبنيتهم في حارتهم، فلا يمنعون، وما ذكروه فيه إذا لم تكن الحارة مجاورة للحارات، بل منفردة لا تجاور سائر المحال"، وانظر: المطلب العالي-تحقيق محمد الوصابي (ص: ١٦٩). والسَّمك: أعلى البيت إلى أسفله؛ أي: ارتفاعه. القاموس المحيط (ص: ٩٤٣).

<<  <   >  >>