للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثالثة: لو حلف لا يأكل الخبز، هل يحنث بأي خبز كان؟]

هذه المسألة كسابقتها فيما لم ينو.

اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:

القول الأول: يمينه على ما اعتاده أهل مصره خبزًا، وتعارفوا عليه، وهو قول الحنفية، وقول عند المالكية.

قالوا: فيحنث بأكل خبز الحنطة والشعير في بلد من عادتهم أكلهما خبزًا، ولو كان أهل بلده لا يعتادون أكل الشعير لا يحنث به. ولو اعتادوا خبز الذرة كالحجاز واليمن حنث بأكله (١).

القول الثاني: يحنث بأي خبز كان، سواء فيه خبز البر، والشعير، والذرة، والباقلاء، والأرز، والحمص، ولا يضر كونه غير معهود بلده (٢)، وهو ما صرح به الصيدلاني (٣).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ١٨٥)، فتح القدير (٥/ ١٢٦)، البحر الرائق (٤/ ٣٤٩)، التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (٣/ ٣٢٤)، بلغة السالك (٢/ ٢٢٩)، منح الجليل (٣/ ٤٩).
قال المحقق ابن الهمام: "سئلت: لو أن بدويًا اعتاد أكل خبز الشعير، فدخل بلدة المعتاد فيها أكل خبز الحنطة، واستمر هو لا يأكل إلا الشعير، فحلف لا يأكل خبزًا؟
فقلت: ينعقد على عرف نفسه فيحنث بالشعير؛ لأنه لم ينعقد على عرف الناس إلا إذا كان الحالف يتعاطاه فهو منهم فيه، فيصرف كلامه إليه لذلك، وهذا منتف فيمن لم يوافقهم بل هو مجانب لهم".
انظر: فتح القدير (٥/ ١٢٧)، البحر الرائق (٤/ ٣٥٠)، حاشية ابن عابدين (٣/ ٧٧٥).
(٢) انظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل (٣/ ١٢٠)، حاشية الدسوقي (٢/ ١٤٠)، روضة الطالبين (١١/ ٣٨)، تحفة المحتاج (١٠/ ٣٢)، المغني (٩/ ٦١١)، الإقناع في فقه ابن حنبل (٤/ ٣٥١).
(٣) "حلف لا يأكل الخبز، حنث بأي خبز كان، سواء فيه خبز البر، والشعير، والذرة، والباقلاء، والأرز، والحمص؛ لأن الجميع خبز، ولا يضر كونه غير معهود بلده، كما لو حلف: لا يلبس ثوبًا، حنث بأي ثوب كان وإن لم يكن معهود بلده، وذكر السرخسي وجهًا أنه لا يحنث بخبز الأرز إلا في طبرستان، وبه قطع الغزالي، ونسبه إلى الصيدلاني، وهي نسبة باطلة، وغلط في النقل، بل الصواب الذي قطع به الأصحاب في جميع الطرق أنه يحنث به كل أحد، وقد صرح بذلك الصيدلاني أيضًا"
انظر: العزيز شرح الوجيز (١٢/ ٢٩٦)، روضة الطالبين (١١/ ٣٨)، المطلب العالي-تحقيق إبراهيم جار الخير هتو (ص: ٤٤٨).

<<  <   >  >>