للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: لو سلمنا السيف إلى وليّ القصاص في القتل، فضرب غير الرقبة؛ فلم يصبها السيف.

مذهب الجمهور أن للإمام أن يفوّض ولي المقتول بقتل الجاني بشرط أن يُحْسِنُه وأن يستوفيه بآلة صالحة (١).

فإذا فوّض الإمام أو نائبه القتلَ إلى الولي، فضرب ضربة على غير عنقه وأصاب غير الموضع المقصود ففي المسألة ثلاثة أقوال:

القول الأول: إن تعمّد عُزِّر ولا يعزل ولا يمنع من الاستيفاء، وإن ادعى أنه أخطأ - نُظر: إن ضرب على موضع لا يقع الخطأ بمثله: من رِجل، أو وسط- عُزِّر، ولا يمنع من القتل.

وإن ضرب على موضع يقع الخطأُ بمثله: من رأس، أو كتفٍ - حُلّف أنه أخطأ، ولا يعزر إذا حَلف، ويؤمر بالتفويض إلى غيره، وهو مذهب الشافعية (٢)، واختيار الصيدلاني (٣).


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٤٣)، الحاوي الكبير (١٢/ ١٠٩ - ١١٠)، المغني (٨/ ٣٠٦).
(٢) انظر: الأم (٦/ ٢٢)، الحاوي الكبير (١٢/ ١١١)، نهاية المطلب (١٦/ ١٤٨)، الوسيط في المذهب (٦/ ٣٠٥)، التهذيب (٧/ ٨٠)، العزيز (١٠/ ٢٦٥)، روضة الطالبين (٩/ ٢٢٢).
(٣) في نهاية المطلب (١٦/ ١٤٨): " لو سلمنا السيف إلى ولي القصاص، فضرب غير الموضع المقصود فإن كان يضرب الرقبة فيما زعم، فلم يصبها السيف، نُظر: فإن بان تعمده بضرب الرِّجْل أو غيرها، والسيف لا يتعدى الرقبة إلى الرجل، فإنا نعزّر الوليّ بما يراه الوالي.

ثم قال الشيخ أبو بكر الصيدلاني: لا يصرفه عن ذلك، ولكن يعزّره ويهدده بمزيد التشديد عليه لو عاد إلى مثل ما بدر منه.
ولو ظهر لنا أنه أخطأ في الضرب، ولم يتعمد، وقد يبينُ ذلك بأن يتعدى السيف من الرقبة إلى الكتف، أو إلى القَمَحْدُوة، فإذا أخطأ، لم يعزر، ولكن قال الشيخ أبو بكر: يُعْزل ويؤخذُ السيف منه، ويقال له: استنب، وليس كالعامد".
(القمحدوة): عظمة بارزة في مؤخر الرأس فوق القفا. انظر: القاموس المحيط (ص: ٣١٢)، المعجم الوسيط (٢/ ٧٥٨).

<<  <   >  >>