للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: الحكم فيما لو فَتَنَ الذميُّ مسلمًا عن دينه، ولم يجرِ شرطٌ بانتقاض العهد بها.

القول الأول: لا ينتقض العهد، وهو ظاهر قول الحنفية والأصح عند الشافعية (١)، واختيار الصيدلاني (٢).

القول الثاني: ينتقض العهد بذلك، وهو وجه عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة (٣).

تعليل القول الأول:

قالوا: لأن هذا الأمر وإن اقتضى العقد المنع منها؛ لأنها محرمة لا تحل بمقصوده؛ فلم يمنع تعاطيها من استمرار حكمه (٤).

تعليل القول الثاني:

قالوا: لأنه حين دخل إلينا بأمان فقد التزم بأن لا يفعل شيئًا من ذلك، فإذا فعله كان ناقضًا للعهد بمباشرته، مما يخالف موجب عقده، ولو لم يجعله ناقضَ العهد بهذا رجع إلى الاستخفاف بالمسلمين (٥).

الترجيح:

الراجح - والله أعلم- القول بنقض عهد الذمي إذا فتن مسلمًا في دينه، وإذا دعاه


(١) انظر: الهداية (٢/ ٤٠٥)، البناية (٧/ ٢٦١)، وروضة الطالبين (١٠/ ٣٢٩)، منهاج الطالبين (ص: ٣١٤).
(٢) في نهاية المطلب (١٨/ ٣٩): "أو يفتنَ مسلمًا عن دينه، ... قال الصيدلاني، وغيره من محققي الأصحاب: إن لم يجر شرطٌ، لم ينتقض العهد بهذه الأشياء، وإن جرى شرطٌ، ففي انتقاض العهد وجهان".
(٣) انظر: روضة الطالبين (١٠/ ٣٢٩)، مغني المحتاج (٦/ ٨٤)، الإنصاف (٤/ ٢٥٤)، كشاف القناع (٣/ ١٤٣).
(٤) انظر: كفاية النبيه (١٧/ ٩٤).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ٨٦)، شرح السير الكبير (ص: ٣٠٥).

<<  <   >  >>