للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: إذا قالت للزوج: وهبت نوبتي منك، فضعها حيث تشاء، وخَصِّصْ بها من تشاء من زوجاتك الأخريات. فهل له تخصيص واحدة بنوبة الواهبة؟

تمهيد:

١. اتفق الفقهاء على أنه يجوز لإحدى زوجات الرجل أن تتنازل عن قَسْمها، أو تهب حقها من القَسْم لزوجها أو لبعض ضرائرها أو لهن جميعًا، وذلك برضا الزوج؛ لأن حقه في الاستمتاع بها لا يسقط إلا برضاه؛ لأنها لا تملك إسقاط حقه في الاستمتاع بها، فإذا رضيت هي والزوج جاز؛ لأن الحق في ذلك لهما لا يخرج عنهما، فإن أبت الموهوبة قبول الهبة لم يكن لها ذلك؛ لأن حق الزوج في الاستمتاع بها ثابت في كل وقت، وإنما منعته المزاحمة بحق صاحبتها، فإن زالت المزاحمة بهبتها ثبت حقه في الاستمتاع بها وإن كرهت كما لو كانت منفردة (١)، وقد ثبت أن سودة بنت زمعة رضي الله عنها وهبت يومها لعائشة رضي الله عنها، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة (٢).

٢. يعلِّق الشافعية على هذه الهبة بقولهم: "وهذه الهبة ليست على قواعد الهبات، ولهذا لا يشترط رضا الموهوب لها، بل يكفي رضا الزوج؛ لأن الحق مشترك بينه وبين الواهبة، إذ ليس لنا هبة يقبل فيها غير الموهوب له مع تأهله للقبول إلا هذه" (٣).

٣. إذا أسقطت الزوجة حقها من القَسْم إما أن تهبه لضرة معينة، أو تهبه لجميع


(١) انظر: بدائع الصنائع (٢/ ٣٣٣)، فتح القدير (٣/ ٤٣٦)، مواهب الجليل (٤/ ١٤)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (٢/ ٥٠٩)، الحاوي الكبير (٩/ ٥٧١)، روضة الطالبين (٧/ ٣٥٩)، المغني (٧/ ٣١١)، كشاف القناع (٥/ ٢٠٥)، وانظر المسائل المتفرعة في الموسوعة الفقهية الكويتية (٣٣/ ٢٠٢) وما بعدها.
(٢) قالت عائشة - رضي الله عنها -: فلما كبرت- يعني سودة-، جعَلت يومها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة، قالت: يا رسول الله، قد جعلت يومي منك لعائشة، «فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقسم لعائشة يومين، يومها ويوم سودة» رواه البخاري في صحيحه في كتاب الشهادات، باب القرعة في المشكلات. (٢٦٨٨) ومسلم في صحيحه في كتاب الرضاع، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها (١٤٦٣)، وفي رواية للبخاري "غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة" ..
(٣) انظر: أسنى المطالب (٣/ ٢٣٥)، تحفة المحتاج (٧/ ٤٥٣)، مغني المحتاج (٤/ ٤٢٤).

<<  <   >  >>