كتاب الاختيارات الفقهية لمحمد بن داود الصيدلاني

المطلب الثاني: فيما يجب على أهل الذمة وما يجب لهم - المسألة الثالثة: الحكم فيما لو زنى ذمي بمسلمة أو أصابها بنكاح، أو دل أهل الحرب على عورة للمسلمين، أو فتن مسلما عن دينه لم يجر شرط بانتقاض العهد بها. - ص: 341

المسألة الثالثة: الحكم فيما لو زنى ذمي بمسلمة أو أصابها بنكاح، أو دلّ أهل الحرب على عورة للمسلمين، أو فَتَنَ مسلمًا عن دينه لم يجرِ شرطٌ بانتقاض العهد بها.

الأمور الثلاثة المذكورة في المسألة إما أن يشترط عاقد الذمة بنقض العهد بفعلها أو لم يشترط، والمسألة المراد بحثها فيما لو لم يجر شرط بانتقاض العهد بها.

ولا بد من تقسيم هذه المسألة إلى ثلاث مسائل:

[المسألة الأولى: لو زنى ذمي بمسلمة أو أصابها بنكاح.]

للعلماء في ذلك قولان:

القول الأول: لم ينتقض عهده، ويقام عليه الحد، وهو مذهب الحنفية والمالكية والأصح عند الشافعية، ورواية عن أحمد (١)، واختيار الصيدلاني (٢).

واستثنى المالكية حالتين: إكراه وغصب الحرة المسلمة، أو أن يغرَّها بإخباره إياها أنه مسلم فيتزوجها ويطؤها، فحينئذ ينتقض العهد (٣).

القول الثاني: ينتقض العهد، وهو وجه عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة (٤).

تعليل القول الأول:

---

(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١١٣)، فتح القدير (٦/ ٦٢)، حاشية ابن عابدين (٤/ ١٦٩)، مختصر خليل (ص: ٩٢)، الشرح الكبير للدردير (٢/ ٢٠٤)، منهاج الطالبين (ص: ٣١٤)، روضة الطالبين (١٠/ ٣٢٩)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٨٤)، الإنصاف (٤/ ٢٥٣).
(٢) في نهاية المطلب (١٨/ ٣٩): "أن يزني الذمي بمسلمة، أو يصيبها باسم النكاح، أو يؤوي عينًا لأهل الحرب، أو يكتب إليهم بأسرار المسلمين، ويطلعَهم على عوراتهم، أو يفتنَ مسلمًا عن دينه، ... قال الصيدلاني، وغيره من محققي الأصحاب: إن لم يجر شرطٌ، لم ينتقض العهد بهذه الأشياء، وإن جرى شرطٌ، ففي انتقاض العهد وجهان".
(٣) انظر: مختصر خليل (ص: ٩٢)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (٣/ ٢٦٠)، بلغة السالك (٢/ ٣١٦).
(٤) انظر: روضة الطالبين (١٠/ ٣٢٩)، مغني المحتاج (٦/ ٨٤)، الإنصاف (٤/ ٢٥٣)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٦٧٠) الإقناع (٢/ ٥٥).